كان الحدث الأبرز الأسبوع الماضي هو ما تم من إنفاذ ما تقرر شرعا، بالقتل، حرابةً أو تعزيراً بحق مجموعة من المعتدين، كانت من أبرز القواسم المشتركة بينهم في إداناتهم: "تعريض مصالح الوطن لأعظم الأخطار"، و"التقول في دين الله بالجهل والهوى"، و"إيغال الصدور بالكذب، والبهتان، والتلبيس على الناس".. هذه العوامل المتوحدة أتت لتؤكد مسائل مهمة، في مقدمتها إثبات أن الإرهاب بنوعيه: الخارجي والمحلي؛ (لا دين له، ولا مذهب له)، وأنه (اعتقاد) و(فكر)، و(عمل)، وأن الإرهابيين لا هم لهم إلا في البحث المستميت عما يشكك الناس في نصوص الدين القويم، وأقوال العلماء المخلصين، وواضح تماما أنهم برعوا في تشكيك من حولهم من السذج في هوياتهم، ولا أدل على ذلك من تكبيراتهم الزائفة، وهم يقترفون الجرائم الفظيعة.
هنا لا بد أن أذكر أن الصح الأبرز في حسب ونسب داء الإرهاب -المحلي بالخصوص-، الذي أحب أن أعيد تسميته إلى كلماتنا الموروثة: (الحرابة)، (البغي)، (الإفساد)؛ أنه معدوم الأصل والفصل، وأنه ما كان ليكون لولا ثقافة التكفير، وثقافة الغلو، وثقافة التعصب، وثقافة عدم الاعتراف بالآخر، وأنه ناتجُ صناعة، وليس وليدَ صدفة؛ فهو صناعة كتب قُرئت، ومدارس درَّست، وإعلام نشر، ومال بُذل.
وهنا أيضا لا بد لنا من الوقوف مع مملكتنا، وقيادتنا التي أكدت أن الوطن للجميع، وأن المعتدين، ومن يقودون التخريب والتحريض، ممن يعيشون فوق ثراه، لا عاصم لهم من العقوبة الدنيوية؛ لا مذهب، ولا فكر، ولا منطقة، ولا قبيلة.
أما إيران، فبكل اطمئنان، أقول إن ما حصل هناك من اعتداء على السفارة السعودية، يؤكد أن المشروع الإيراني، وبعيدا عن الصراعات السنية الشيعية بالخصوص، والسنية الإباضية، والسنية الظاهرية بالعموم؛ هو السيطرة على المنطقة، وإعادة الإمبراطورية الفارسية، ولا أدل على ذلك من خلاف عقلاء الشيعة من عرب وعجم، مع التوجهات الفارسية، والتي باتت واضحة الأثر في لبنان، وسورية، والعراق، واليمن، والبحرين، وغير ذلك من الدول غير العربية.
أعجب كثيرا ممن يحتج أو سيحتج ضد ما ذكرته آنفا بما ورد عن فضل فارس -"لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء، يعني فارس"-، أو ما ذكر عن التحذير من العصبيات والقوميات -"دعوها فإنها منتنة"-، أو ادعاء الرغبة في إلغاء المذهب الشيعي، فهذه مجرد ظنون، وفي غير محلها؛ فلغة الأعراق والقوميات بغيضة بلا شك، ولكن فضح المؤامرات، وإظهار الحقائق، وتبيين الرغبة في إسقاط الشرعيات أمور مختلفة، ومن هذه الحقائق المسكوت عنها أننا ربطنا الطائفة الشيعية العربية بالفرس، وفرطنا في عقلائهم، وتعاملنا مع إيران وكأنها الوصية على مذهبهم، وسمحنا بمناشط التبشير بالأفكار (المختلفة) أن تتوسع هنا وهناك، حتى وصلت إلى البسطاء -سنة وشيعة- فشككتهم في الثوابت القطعية، وأوقعتهم بجهل وبدون جهل في (شرعنة) القاعدة، وحزب الله، وتبرير ما تواطؤوا على فعله من قرصنات واعتداءات، بالرغم مما يبدو عليهما من ظاهر العداء المصطنع.