المملكة العربية السعودية الآن دولة محورية بالنسبة للعالم كله، فهي قائدة التحالف الذي يسعى إلى إعادة اليمن لشعبه وشرعيته، وهو عضو فاعل في التحالف الدولي للقضاء على (داعش)، هذا التحالف الذي تقوده أميركا بتباطؤ و-ربما- تآمر، وإلا فكيف (داعش نفسه) ينشر عبر مواقعه الإلكترونية أرتال سياراته ومعداته العسكرية، وهي تتحرك بكل حرية بين العراق وسورية، ومع ذلك فإن طائرات أميركا التي تستطيع رصد أنفاس النمل لا تراها!!
المهم أن المملكة فوق ذلك هي قائدة التحالف الإسلامي الجديد ضد الإرهاب، وهي قبل كل ذلك ومعه وبعده، رائدة وقائدة العالم الإسلامي، وخادمة وراعية الحرمين والمقدسات الإسلامية، وهي بمقاييس الاقتصاد والجغرافيا والسياسة وقوة التأثير أكبر وأهم دولة عربية، وهي على المستوى الداخلي قطعت أشواطا بعيدة في التطوير والإصلاح والتنمية بتدرج مدروس ومحسوب، وحققت منجزات مشهودة ومعروفة على كافة المستويات، مستفيدة من قدراتها المالية وانفتاحها على معطيات العصر وثقافاته وحضارته، دون أن تتأثر هويتها العربية الإسلامية.
وكل هذا معروف وحي ويشاهده البصير ويلمسه الأعمى، لذا فمما يثير السخرية بعض ما يلفظه المدافعون عن إيران عبر كثير من الفضائيات والإذاعات والصحف العربية، وأنا لا ألومهم على هذا التماهي والحب لتنظيم (ولاية الفقيه) الذي -عبر صدفة تاريخية- أصبحت له دولة اسمها إيران (ولها ذيول تتبعها من لبنان إلى اليمن)، فمن حق الناس أن يختاروا من يحبون، سواء كان المال هو سبب الحب، أو القناعة الذاتية، أو أنه حب من ذلك النوع الذي يقول عنه الذين يتبعهم الغاوون: الحب لا تفسير له!! لكنني فقط أريدهم أن يكونوا موضوعيين، وألا يكذبوا علنا، حتى يحترمهم الناس، خاصة الشعب الإيراني نفسه، فهو شعب يعي ويعرف ويدرك -أو على الأقل أغلبه- أن (ولاية الفقيه) هذه أكبر كذبة في تاريخ البشرية قاطبة، فهي أعظم خداع من أصنام الجاهلية التي كان الجاهليون يقولون (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)، ولا أظن عاقلا، ولا حتى مجنونا في أرضنا يصدق خرافة ولاية الفقيه هذه مطلقا، لكنّ المتظاهرين بتصديقها إما خائفون من سطوة الباسيج والحرس الثوري الإيراني، وهما قوتان غاشمتان، أو أنهم عوام مغفلون مخدوعون باحثون عمن يغفر لهم ذنوبهم ممن يدعي القدرة على ذلك، أمثال الدجال الأكبر الخميني وخليفته خامنئي.
هذه هي الحقيقة كما أعرفها وكما هي واضحة ومعلنة، والملالي النفعيون المستفيدون منها مالا وجاها، يروّجون لها ويؤكدونها، ويدعون لها، في حين أن نسبة كبيرة جدا -كما أتصور- من الشيعة أنفسهم لا يؤمنون بولاية الفقيه هذه، بل يسخرون منها، ويتندرون عليها، لكن سطوة المال الإيراني وقوة إعلامه تخيفانهم أو تغريانهم بالصمت أو تضعانهم في قفص الاتهام الشعبي الشيعي بالخيانة والتآمر والكفر!!
الجمهورية الإسلامية -كما سمت نفسها- في إيران، تقيم انتخابات رئاسية وبرلمانية، لتوهم العالم كله، وأتباع ولاية الفقيه بصفة خاصة، أنها دولة ديموقراطية، وحقيقتها أن كرسي الرئاسة يستحيل أن يجلس عليه من لا يزكيه ويرضى عنه الولي الفقيه (خميني سابقا وخامنئي الآن)، أما النواب فلا بأس من وجود قلة قليلة من المعارضين الشكليين لقرارات وأعمال الحكومة، لكن لا أحد يجرؤ مطلقا على إعلان إنكاره لهذه الولاية -الخرافة- فضلا عن المطالبة بإسقاطها!!
وكل هذه أيضا حقائق معروفة لا يستطيع أحد إنكارها بموضوعية مطلقا، لكنني أوردتها لأقول للمدافعين من العرب عن إيران بحماس، إنه يصعب عليهم -بل يستحيل عليهم- إثبات أن إيران كدولة ليست الجزء الأبرز من جبل الثلج الإرهابي التابع لتنظيم (ولاية الفقيه)، وإذا كان لأحد منهم أدنى وهم بأن تنظيم هذه الولاية غير إرهابي فليقل لنا لماذا إيران هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لم تصلها رصاصة واحدة، ولا حتى ضربة (مشعاب) رقيقة من تنظيم داعش الذي أجمع العالم كله على أنه تنظيم إرهابي، وقد تجلت أفعاله الإرهابية في أقوى دول العالم وأضخمها عدة وعتادا وتقنية، فضلا عن أن هذا التنظيم الإرهابي الخطير لم يترك دولة من جيران (إيران) من جهاتها الأربع دون أن تكون له فيها جريمة منكرة، باستثناء دولتين قد تكون علاقتهما الجيدة بدولة إيران شكلت لهما حماية من جرائم التنظيم!!
إنني هنا أصف حالة ووضعا معروفا للجميع إلا لمن عمي جهلا أو تعامى رغبة أو رهبة، ويمكنني هنا أن أستطرد لتقديم وقائع موثقة عن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية داخل دولة ولاية الفقيه، وصورا ووقائع عن الظلم والاضطهاد والتعذيب ضد الشيعة أنفسهم في إيران، فضلا عن الطوائف الأخرى وأبرزها أتباع المذهب السني في الأحواز وغيرها، فهذه الصور والوقائع معروفة وموثقة، وعمنا (غوغل) يقدمها متطوعا لكل من يريد!!
يوم الإثنين الماضي، وفي البرنامج اليومي (حول الحدث) السياسي، الذي تقدمه المذيعة (سعدة الصابري) كان المحامي السعودي المعروف عبدالرحمن اللاحم، وأنا، ومعنا (ياسر الشاذلي - المحامي الجنائي الدولي، والمحلل السياسي، ورئيس إيلاف آلِ البيت- بيروت)، ومع انقطاعات الاتصال المتكررة، أدركت كثيرا مما قاله الشاذلي، ومع تكراره المنتظم لمقولة (أنا لا أدافع عن إيران!!!) كان -فعلا- مثار شفقتي، ولكن ضيق الوقت وانقطاع الاتصال حال دون أن أقول له: لا تخف من عشقك إيران ودفاعك عنها الذي تتبرأ منه بين جملة وأخرى على طريقة (كاد المريب أن يقول خذوني)، فلست وحدك يا سعادة المحامي الجنائي الدولي، فهناك آلاف الشاذليين الذين تقدمهم الفضائيات والإذاعات والصحف العربية، وبألقاب أطول من لقبك الذي لا ينافسك فيه من جانبنا إلا الأخ محمد النجيمي، وهو من كبار الشاذليين السعوديين، لكن في الصف المقابل لشاذلية ولاية الفقيه.
أخونا ياسر الشاذلي مجّد وبرر لإيران حتى خشيت أن ينافس (أنور عشقي) عندما قال عن النظام السعودي إنه أفضل من زمن الخلفاء الراشدين!!، لكن الله سلم وتوقف الشاذلي عند حدود أن إيران بريئة من الاعتداء على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مشهد، وأن هؤلاء المعتدين جماهير غاضبة ثائرة على (الظلم السعودي!!)، ولا أدري لماذا لم تغضب هذه الجماهير الثائرة وهي ترى بأم أعينها صور القهر والحيف المعلنة وليس الخفية، والتي يمارسها الملالي يوميا باسم سيدهم (الخرافة) الولي الفقيه، سواء في ظلم وقهر الناس أو في نهب المال العام، وكيف لهذه الجماهير أن تقتنع بأن ولي الفقيه متصل بالفقيه المتصل بالله، وأن أحكام وقرارات هذا الولي (الدجال!!) هي رسائل الله إلى أهل الأرض!؟
يا سيادة المحامي الجنائي الدولي، ومن معك -وهم كثر- من المتحمسين العرب لنظام ولاية الفقيه، أود أن أقول لكم إن (ظلم!!!) النظام السعودي واضح ومعروف ومعلن ومكرر، فالسعودية (الظالمة حسب قولكم!!) لا تريد ولن تسمح بإقامة إمارة مصغرة داخلها تدين بالولاء للولي الفقيه (الشيعي المزعوم) مطلقا، مثلما أنها لم ولن تسمح بإقامة إمارة مماثلة لأتباع المرشد (السني المزعوم) مطلقا، فكلا التنظيمين العالميين المدعيين للإسلام التواقين لإقامة الخلافة، لن يجدا في السعودية سوى الردع القوي الحازم الحاسم، أما الإسلام الحق فالسعودية تعرفه وهي تأسست وقامت عليه، لكنها لم ولن تتاجر به، ولن تسمح لكائن من كان بأن يتاجر به في أرضها، حتى لو آمن من في الأرض جميعا بولاية فقيهكم الشيعي أو ببيعة مرشد الدجل في الجانب الآخر السني، فاطمئن يا سيد شاذلي أنت وكل من شاذلك من المصفقين لإيران، فالصخرة السعودية ليست ملساء دائما، فهي تملك أنيابا وأظافر، وإذا لزم الأمر فلها صواعق ماحقة!!