فيما احتل العراق مرتبة متقدمة في قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم، فشلت السلطة القضائية في محاسبة المسؤولين المتهمين بسرقة المال العام، وفي مقدمتهم وزير التجارة الأسبق، القيادي في حزب الدعوة الإسلامي، عبدالفلاح السوداني، الذي تلاحقه تهم بالاستحواذ على أربعة مليارات دولار من عقود استيراد المواد الغذائية لبرنامج البطاقة التموينية المعتمد من الوزارة منذ مطلع عام 1991، على خلفية فرض عقوبات على العراق جراء غزو الكويت في الثاني من أغسطس 1990. وفي لقاء متلفز قال النائب مشعان الجبوري في وقت سابق: "جميع المسؤولين والقادة السياسيين متورطون بارتكاب جرائم فساد مالي وإداري".

وبينما وفرت حكومة العبادي للجبوري الإقامة الآمنة في المنطقة الخضراء المحصنة داخل العاصمة بغداد، طالبت أوساط إعلامية وناشطون مدنيون المدعي العام بإحالة الجبوري للقضاء على خلفية اعترافه الصريح.




فساد المالكي

من جانبه، حمّل رئيس هيئة النزاهة الأسبق رحيم العكيلي، الذي أقيل من منصبه بقرار من رئيس الحكومة السابق نوري المالكي، مجلس النواب مسؤولية تعطيل ملاحقة المفسدين من المسؤولين الحاليين والسابقين. وأكد في حديث إلى "الوطن" أن البرلمان رغم صلاحياته الرقابية فشل في الدورات التشريعية السابقة في ملاحقة المتورطين بالفساد، مشيرا إلى أن استجواب السوداني، ووزير النفط، حسين الشهرستاني، وأمين بغداد السابق، صابر العيساوي، ومسؤولين آخرين، خضع لتسويات سياسية، لهيمنة القوى المتنفذة على البرلمان، مؤكدا أنه لم تصدر عقوبات ضد المتورطين تساوي ما استباحوه من المال العام.

ووجه العكيلي اتهامات للمالكي، بتعطيل عمل هيئة النزاهة، وقال: "أبعدني المالكي من رئاسة الهيئة ولفق ضدي تهمة قضائية، ثم اختار من حزب الدعوة الإسلامية من يتولى رئاستها بالوكالة، ليتجنب مصادقة البرلمان، فجاء بعدي علاء الساعدي، وحاليا يرأسها عبد الحسين الياسري".

وتفيد تقارير أن المالكي لم يرسل الحسابات الختامية للبرلمان، وسط اتهامات بأنه تقاسم موازنة الدولة مع أسرته. ويقول الكاتب ساهر عريبي: "المالكي وعائلته تقاسموا موازنات السنوات الماضية وحولوها إلى أملاك لهم خارج العراق، واستحوذوا على المناصب، وسرقوا أرض العراق وثرواته واقتسموها مع أتباعهم من سياسيين وعسكريين"، مشددا على أهمية الضغط على السلطتين التنفيذية والتشريعية لملاحقتهم وتقديمهم للقضاء لاسترداد المال العام".

في الأثناء، ذكرت تقارير صحفية أن أحمد المالكي، نجل رئيس الوزراء السابق، اشترى عقارا في فرنسا بأكثر من 300 مليون دولار، يمتد على 4645 مترا مربعا، في حديقة تقع بين منطقتي فيرساي ومارلي لي روي بباريس.


 





تقارير دولية

من جهته، أكد تقرير المدقق الدولي، الذي نشر أخيرا أن مليارات الدنانير صرفت لوزارة الصحة، بيد أن بعض مشاريعها لم يحقق إنجازا على الإطلاق. وأضاف التقرير أن أربعة مشروعات في موازنة عام 2013 بلغت مصروفاتها 39 مليارا و339 مليون دينار، كانت نسب الإنجاز فيها صفرا حتى عام 2015. وأشار التقرير إلى أن ستة عقود موقعة في 2009 بمبلغ 898 مليونا و500 ألف دولار لإنشاء مستشفيات تعليمية في البصرة ذي قار، بابل، كربلاء، ميسان والنجف، واجهتها معوقات حالت دون الإنجاز.

وفيما أعلنت هيئة النزاهة إحالة نائبي رئيس الوزراء السابقين، بهاء الأعرجي وصالح المطلك، ومدير مكتب القائد العام للقوات المسلحة السابق، فاروق الأعرجي، وأمين بغداد، نعيم عبعوب إلى القضاء بتهم فساد، ويتوقع المراقبون بصدور أحكام تبرئة.