قالت تقارير أميركية إن هناك 3 مليارات برميل نفط بانتظار التسويق حاليا، وهي كمية تكفي استهلاك العالم لمدة شهر كامل. وبالنظر إلى البحار والمحيطات في العالم، حيث تقف ناقلات نفط عملاقة تحمل كل منها مليوني برميل دون حراك، على أمل أن يرتفع سعر النفط يوما ما مرة أخرى. وقالت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية إن الولايات المتحدة، صاحبة أكبر منشآت لتخزين النفط في العالم، تقوم حاليا بتخزين كميات غير مسبوقة من النفط الخام، فيما لم يعد هناك مساحات كافية لتخزين البترول في بعض دول العالم.
هذه الزيادة تبين حجم التحدي الكبير الذي تواجهه الدول النفطية الآن إذا أرادت وقف انهيار أسعار النفط المستمر منذ سنة ونصف السنة تقريبا، مما أدى لإفلاس شركات طاقة في الولايات المتحدة وإلى تأثر الاقتصاد في جميع الدول المصدرة.
تقليص الإنتاج
لمساعدة أسعار النفط على الارتفاع، سيكون على الدول المصدِّرة تقليص حجم إنتاج النفط إلى درجة كافية. وهذه ليست مهمة سهلة، حيث إن العالم يحتاج حاليا إلى 94.5 مليون برميل نفط يوميا، بحسب وكالة الطاقة الدولية، فيما يتم إنتاج 96.5 مليون برميل يوميا. هذا أكبر خلل في التوازن منذ بداية القرن الحادي والعشرين، وفي كل يوم يستمر فيه هذا الخلل، يرتفع مخزون النفط العالمي الإضافي بمقدار مليوني برميل من النفط. تقول واشنطن بوست إن أسعار النفط لن ترتفع ما لم تقتنع السوق العالمية أن هذه الكمية الضخمة المتوافرة من النفط بدأت تتلاشى. منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، قلصت السعودية، مع مساهمات رمزية من باقي دول أوبك، إنتاج النفط من أجل المساعدة على ارتفاع الأسعار. ولكن عندما بدأت الأسعار تهبط هذه المرة لأسباب عديدة، بما في ذلك تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين وبروز موارد جديدة للطاقة في الولايات المتحدة، لم تتحرك السعودية لتخفيض الإنتاج على أمل أن انخفاض أسعار النفط سيؤدي إلى خروج صناعة النفط الصخري الأميركي من المنافسة.
لكن المشكلة هي أن الأسعار المنخفضة استمرت فترة طويلة لدرجة أنه لم يعد هناك جهة، ولا حتى الدول النفطية العظمى، قادرة على إعادتها إلى المستوى العادي.
الوقود الأحفوري
أحد العوامل التي يمكن أن تساعد على ارتفاع أسعار النفط هو في تصاعد قوة الاقتصاد العالمي بشكل كبير، بحيث يزداد الطلب على الوقود الأحفوري. ومن ناحية أخرى، قالت واشنطن بوست إنه من الناحية النظرية، يمكن التخلص من الكميات الزائدة من النفط إذا انهارت إحدى الدول النفطية الكبرى بسبب تدني أسعار النفط.
لكن هذه الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة والسعودية، تبدو صامدة بشكل جيد. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، حافظت شركات النفط على الإنتاج من خلال التركيز على أفضل الآبار وأكثرها فعالية.
وبالرغم من إفلاس حوالى 50 شركة نفط هناك، صعد الإنتاج من 9.1 ملايين برميل نفط يوميا في نوفمبر 2014 إلى 9.2 ملايين برميل في فبراير الحالي 2016. لكن بعض المراقبين يتوقعون أن إنتاج أميركا من النفط يمكن أن يتراجع هذا العام بسبب تقلص الاستثمارات بشكل كبير في 2015.
أما السعودية فإنها قادرة على الاستمرار في ضخ النفط بكامل طاقتها مع انخفاض الأسعار لفترة طويلة بسبب انخفاض كلفة الإنتاج ولأن لديها فائضا ماليا جيدا.
السيناريو الأخير هو أن تنسق جميع الدول النفطية جهودها وتخفض الإنتاج بشكل تدريجي، وهذا أمر كان بإمكان منظمة أوبك أن تفعله لولا أنها تعاني من الضعف بسبب تباين المصالح بين الدول الأعضاء.