تعد السكتة الدماغية سببا رئيسيا للإعاقة الجسدية والوفاة حول العالم. حيث تشير التقديرات الرسمية الكندية إلى حدوث حالة إصابة بالسكتة الدماغية كل سبع دقائق. وعلى الرغم من عدم وجود إحصاءات دقيقة لأعداد السكتة الدماغية في المملكة، إلا أن تقديرات الخبراء تشير إلى حدوث إصابة جديدة بالسكتة الدماغية كل 15 دقيقة.

تعرف السكتة الدماغية بحصول ضرر لجزء من الدماغ ناجم عن اضطراب في الدورة الدموية الدماغية مما يؤدي إلى فقدان وظيفة الجزء المتضرر سواء كانت الوظيفة تتعلق بالحركة أو الإحساس أو التخاطب وما إلى ذلك. وتقسم السكتة الدماغية إلى نوعين رئيسين: السكتة الدماغية الاقفارية (وتعرف أيضا بالجلطة الدماغية)، وهي ضرر يصيب الدماغ بسبب انسداد أحد الشرايين الدماغية المغذية للجزء المتضرر. تعد جلطة الدماغ النوع الأكثر شيوعا للسكتة الدماغية بنسبة تقارب 80%. أما النوع الآخر والأقل شيوعا فهو النزيف الدماغي وينجم عن تسرب الدم من أحد الأوعية الدماغية إلى أجزاء الدماغ المجاورة مما يؤدي إلى تضررها.

تشكل حالات الجلطة الدماغية تحديا حقيقيا للأنظمة الصحية. حيث يلعب عامل الوقت دورا رئيسا في تحديد أهلية المريض لتلقي العلاجات المتوفرة. يفقد مريض الجلطة الدماغية في المتوسط ما يقدر بـ2 مليون خلية عصبية في الدقيقة الواحدة ليصبح مجموع ما يفقده المريض من الخلايا العصبية خلال ساعة واحدة مساويا لما يفقده الإنسان الطبيعي خلال ثلاث سنوات ونصف من تقدم السن. هذه الأهمية القصوى للوقت تجعل المعرفة الجيدة بأعراض الجلطة الدماغية من قبل أفراد المجتمع متطلبا جوهريا في طريق علاج مريض الجلطة الدماغية بسرعة.

اقتصرت العلاجات المتوفرة للجلطة الدماغية في ساعاتها الأولى على عقارtissue Plasminogen activator المذيب للجلطة، الذي يعطى عن طريق الوريد للمؤهلين من المرضى. غير أن قصور هذا العقار عن مساعدة العديد من المرضى نتيجة عدم قدرته على إذابة الجلطات كبيرة الحجم دفع إلى تطوير علاجات بديلة أحدثها هو علاج الجلطة الدماغية عن طريق القسطرة التداخلية الدماغية. حيث يتم علاج المرضى المؤهلين في معمل القسطرة عن طريق مختصين بهذه الطريقة المتقدمة من العلاج، يقومون بسحب الجلطة من الشريان الدماغي المسدود باستخدام دعامات خاصة بذلك.

أصدرت الجمعية الأميركية للسكتة الدماغية في بداية هذا العام (2015) تحديثا لتوصياتها بخصوص علاج الجلطة الدماغية الحادة لتشدد على أهمية استخدام العلاج بالقسطرة والدعامات لعلاج مثل هذه الحالات. تـأتي هذه التوصيات على ضوء النتائج التي نشرت مؤخرا لخمسة أبحاث كبيرة بمجلة New England Journal of Medicine المرموقة التي أظهرت بصورة واضحة تفوق العلاج التداخلي بالقسطرة عند استخدامه مع مذيبات الجلطات الوريدية، مقارنة بالعلاج المقتصر على مذيبات الجلطات المعطاة وريديا. وجاءت التوصيات مشددة على أهمية الاختيار السليم للمرضى المؤهلين لتلقي العلاج التداخلي، حيث تقتصر أهلية العلاج على المرضى البالغين والذين لا يعانون من أي إعاقات حركية قبل حدوث السكتة الدماغية، والذين يتم تشخيص إصابتهم بسكتة دماغية شديدة التأثير نتيجة انسداد أحد الشرايين الحيوية بالدماغ، والتي يتم تشخيصها باستخدام الأشعة الشريانية المحورية بالصبغة CT Angiogram مع ضرورة بدء العلاج التداخلي بالقسطرة قبل مرور 6 ساعات من آخر وقت شوهد فيه المريض بصورة طبيعية. وبذلك استثنت التوصيات الأطفال الأصغر من 18 عاما والمرضى العاجزين عن الحركة بشكل طبيعي أو من يستلزم مساعدات الحركة (كالعكاز أو الكرسي المتحرك)، وأولئك الذين يتطلبون المساعدة لتأدية حاجياتهم اليومية.

وشددت التوصيات على ضرورة استحداث النظم العلاجية التي تمكن المرضى من التوجه وبسرعة إلى المراكز المتخصصة لتلقي العلاج، وضرورة وجود بروتوكولات علاجية جاهزة لتقليص الوقت اللازم لتقييم وعلاج هذه الحالات في قسم الطوارئ، ومن ثم في معمل القسطرة مع ضرورة التنسيق بين المراكز لتحقيق هذه الأهداف.