الأخ الفاضل الدكتور "عوض القرني" كتب عني مقالاً في "واتس آب" ووزعه هو ومحبوه على الناس في تويتر وغيره، وملخصه أن مشكلتي –شخصياً– مع المجتمع السعودي، هي الدين، وللتوضيح فإنه أكد وكرر أن مشكلتي مع السعودية هي "وجود الدين الإسلامي العظيم في قلوب وعقول وجوارح السعوديين" ويتصور أو يظن أو أنه متيقن أنني أسعى لانتزاعه قسراً من قلوبهم وعقولهم وجوارحهم، وأحولهم إلى ملحدين، وحينها سأرتاح وتقرّ عيني!

والحقيقة أنني سعيد جداً برؤية الدكتور عوض، وبراعة حدسه، وعمق رؤيته، ليس لأني سأفعل وأستطيع أن أنزع الدين من قلوب وعقول الناس، فهذا مستحيل! ولكن لأن الدكتور عوض -في المقابل- يعتقد أو يظن أو يتوهم، أنه وأمثاله يستطيعون تكريس الدين الإسلامي، بل وغرسه ابتداءً، في عقول وقلوب وجوارح الناس، أي أنه يظن أنه وأمثاله أقوى من الحي القدير الذي قال في محكم كتابه، "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا "، فلماذا لم يسلموا يا دكتور عوض؟! "المسلمون مليار ونصف المليار تقريباً فقط، بينما سكان الأرض سبعة مليارات ونصف المليار إنسان تقريباً".

عموماً كل هذا غير مهم، لكن الأخطر أن الدكتور عوض قال: إني "ليبرالي"، ولا مشكلة! لكنه ربط جذوري الفكرية بالشيوعيين والبعثيين والناصريين والماركسيين والقوميين الذي سجنتهم الدولة في ستينات القرن الميلادي الماضي بتهمة تنظيم محاولة انقلابية على الدولة! وهنا بدأت "أنتفخ" وأنتشي، بل وتعاظمت نفسي حتى رأيت "الخلافة –الليبرالية– رأي العين!" وتصورت نفسي متربعاً على عرشها، وأنا أتحدث –على الهواء– أوجه والينا في إسطنبول عبر الأقمار الاصطناعية!

تعوذت بالله من شيطان الخيال وبعد أن عادت نفسي إلى موقعها الطبيعي، وهدأت قليلاً، بدأت أرتعش خوفاً! لأنني أعرف –يقيناً– أن وزارة الداخلية تتصيّد التنظيمات المتطرفة، المتآمرة عليها ببراعة متناهية أصبحت محط إعجاب العالم كله، فقلت في نفسي، كيف لو صادوني وأنا أؤسس وأدعو لتنظيمي –الليبرالي– السري الطامح إلى الانقلاب على الحكم! فحمدت الله أنه لم يعلم عني حتى الآن إلا الأخ "عوض القرني"، وقلت هو أيضاً "بلدياتي"، فنحن من قبيلتين متجاورتين في الجنوب، ويستحيل أن يبلغ عني! المهم يا دكتور عوض القرني انس الموضوع أرجوك، ودعني أخبرك، أنني منذ أن قرأت كتابك القيّم "الحداثة في ميزان الإسلام" الذي كفرت فيه طابوراً من الشعراء والنقاد وغيرهم من السعوديين والعرب –ولو أنك تقرأ وتكتب بالإنجليزية لما كفاك 10 أجزاء لكثرة من ستنالهم بركات تكفيرك– المهم، أنني منذ قراءتي لذاك الكتاب، وأنا من أشد المعجبين بك، وبفكرك، ونضالك، لكنني –مع الأسف– لم أجد فيك ما يحقق أملي، فقد صدمني –علم الله– ما ورد في مذكرة اتهام مصرية حول "التنظيم الدولي للإخوان المسلمين" صدرت في منتصف عام 2009 أشارت إلى اسمك كأحد الناشطين في التنظيم الدولي، وقالت عنك المذكرة نصاً: "جناح التنظيم بالسعودية، ويضطلع بمسؤوليته الدكتور عوض محمد القرني، أستاذ الشريعة بجامعة الملك خالد، ويتخذ التنظيم من المكتبات المنتشرة بالمملكة غطاءً لحركته وستاراً لعقد لقاءات سرية لتلافي الرصد الأمني"، ثم تصاعدت صدمتي وخوفي حين أعادت لائحة اتهام صادرة عن النائب العام المصري، أعلنت في 21 أبريل 2010، اتهامك بتهمة جديدة هي تمويل التنظيم الدولي للإخوان وقد أسعدني أنك نفيت التهمة واعتبرتها مؤامرة صهيونية"! ومنذ ذلك الحين وأنا خائف عليك من "الصهيونية العالمية!" فهم كما تعلم نافذون في العالم، وكلما ازداد قلقي وخوفي عليك، أذهب إلى حسابك في تويتر فأجدك مبتسماً مغرداً باستبسال دفاعاً عن "أفكار وسياسة جماعة الإخوان وإردوغان، وغيرهم، فأطمئن وأقول: الحمد لله أن "الصهيونية" لم تصلك حتى الآن!

الآن أرجو أن تحقق أملي، وهو أمل بسيط جداً، وتحقيقه سهل وميسور، وهو: أنني أنتظر منك كتاباً آخر عنوانه "الليبرالية، والإخوان المسلمون في ميزان الإسلام"، وأنا أعرف أن تأليف كتاب كهذا، سهل وميسور عندك ومادته -إذا أردت- عندي جاهزة فالمطلوب بسيط، فقط تعليقات بسيطة ومختصرة منك، تؤكد ضلال الليبرالية وأنهم تنظيم سري خطير ضد الدين والدولة، وتوضح عظمة فكر الإخوان المسلمين، ودعك من تنظيمهم السري الحركي، وفروعهم الحركية، فهذه كلها اتهامات كاذبة كما يزعم ويردد المدافعون عنها! وكأنها لم تعهد عنهم! فأبطل هذه الاتهامات، ولقن قائد هذه الاتهامات الجديد، وبطلها الجديد وجيشه درساً في فهم الدين والسياسة، ولا تنس من لف لفه من الليبراليين، والعلمانيين، باستثناء "الرئيس التركي" فهو علماني، لكن قرأت لك تغريدات كثيرة جداً تثني عليه، وتعبر عن إعجابك بشعاراته! أمّا نهضة تركيا فكلنا معجبون بها.

تحياتي يا دكتور عوض ونلتقي على حب وخير، ووطن عظيم!