كشف تقرير حديث أصدره موقع "قمر ألاباما"، تحت عنوان "السباق نحو الرقة"، أن ما يجري في سورية يؤكد السعي إلى تقسيمها جغرافيا، بالتزامن مع تقسيم العراق وليبيا، مؤكدا أن إعلان المملكة استعدادها لإرسال قوات برية إلى سورية أدى لتغيير كامل في المشهد، لا سيما بعد أن اتخذت الإمارات الخطوة نفسها.

وتوقع التقرير أن تتحرك القوات المشتركة للتحالف الدولي من شرق الأردن إلى الصحراء السورية نحو مدينتي الرقة ودير الزور، مشيرا إلى عدم وجود قوات روسية أو سورية في الصحراء قادرة على منع هذه الخطوة.




في المعارك الكبرى الفاصلة تكون الرؤية من الضفة الأخرى للأحداث واجبا، وليست ترفا فكريا، فالعالم يغلي بتضارب الآراء حول ما يجري على الأرض في سورية، وأهداف روسيا وإيران، بما في ذلك الأخبار الزائفة والكاذبة والمغلوطة عن قصد.

يقول تقرير "القمر ألاباما" المعنون بـ"السباق نحو الرقة" الصادر في 14 فبراير الجاري، "إلقاء نظرة على الصورة الأكبر للقوات المحتشدة والقادمة في جميع أنحاء سورية، تعني في العمق أن تقسيم البلاد جغرافيا بالتزامن مع تقسيم العراق وليبيا، هو أهم حلقات إعادة تقسيم الشرق الأوسط كله، وهو ما ستتكفل به المعارك المقبلة".


تصميم الناتو

التدخل العسكري المباشر في سورية لقوات التحالف وحلفاء الولايات المتحدة، خصوصا المملكة العربية السعودية وتركيا، يشمل محاربة الإرهاب، وإضعاف حليفي النظام السوري، روسيا وإيران، إلى جانب إعادة بسط سيطرة الغرب على منطقة الشرق الأوسط، حسبما أكده الكاتب بيل فان أوكن. ويشير موقع الجبهة الجنوبية إلى أن العديد من الخبراء العسكريين يرون أن تركيا على استعداد تام لنشر 18 ألف جندي مدعومين بسلاح الجو والمدفعية، بعمق 30 كيلومترا في الداخل السوري من جرابلس على ضفاف الفرات شرقا إلى أعزاز غربا، على مقربة من عفرين.

وستقابل هذه الخطوة على الأرجح بردٍّ روسي عنيف، إذ إن أنظمة موسكو الجوية والبحرية الدفاعية قادرة بسهولة على تحييد سلاح الطيران التركي، وهذا ما سيسمح للجيش السوري بالرد على التوغل التركي. وسيكون هذا الهجوم المعاكس تحت رعاية سلاح الجو الروسي المتفوق، وسيؤدي إلى أحد سيناريوهين: الأول، فشل الجيش السوري في صد الهجوم التركي، مما يسمح لنظام إردوغان بتقوية وجوده في المناطق المحتلة، مستغلا وقته في التنسيق الجوي والاستخباراتي مع قوات الناتو، مما قد يؤدي إلى حرب عالمية لا يستطيع إخمادها أحد. والثاني: نجاح الجيش السوري مدعوما بإيران وروسيا في صد الهجوم التركي، مما يرغم تركيا والناتو على قبول المعادلة الجديدة في المنطقة، وعندئذ سيبدأ التصعيد العالمي من العراق مع توسيع العمليات العسكرية للأطلسي ضد روسيا وإيران في أوكرانيا وآسيا الوسطى.





قوات برية

إعلان السعودية إرسال قوات برية تحت قيادة الولايات المتحدة للتحالف الدولي ضد داعش غير المشهد تماما، إضافة إلى إرسال الإمارات العربية المتحدة قوات خاصة لنفس الغرض. وتناولت وسائل الإعلام العالمية صورا لقوات سعودية تشق طريقها عبر الأردن، بالتزامن مع ما لا يقل عن 1600 جندي بريطاني بأسلحة ثقيلة، ومعدات عسكرية متقدمة، وصلت بالفعل إلى عمّان، رغم أن لندن راوغت في التصريح بأهدافها، مكتفية بأن الأمر لا يخرج عن تدريبات عسكرية عادية.

ولأن التوازن العسكري في شمال سورية يتحول بسرعة، فإن الولايات المتحدة والسعودية وتركيا لن تقبل بأقل من إسقاط حكم الأسد، ولن تستمر طويلا في تقبل دعم روسيا غير المحدود وإيران والميليشيات الشيعية لنظامه، بما يغير موازين القوة في المنطقة تحت ذريعة الحرب على الإرهاب. وقد شكلت القوات الجوية الروسية بالفعل غطاء لضرب المعارضة السورية التي تحارب ضد قوات الأسد، وقطعت الإمدادات الرئيسية من تركيا، مما أدى إلى تغيير الواقع على الأرض لمصلحة قوى معادية للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة والعالم.


حريق دولي

القوات المشتركة للتحالف ستتحرك من شرق الأردن وصولا إلى الصحراء السورية نحو الرقة ودير الزور، كما يقول "القمر ألاباما"، حيث لا توجد حتى الآن قوات سورية أو روسية في الصحراء، قادرة على منع هذه الخطوة التي اتخذتها قوات التحالف بعد القرار السعودي بإرسال قوات برية.

 ومما يؤكد التنسيق التام بين واشنطن والرياض، أن لواء جويا أميركيا إضافيا "اللواء 101"، يتم نشره في العراق، دون إعلان رسمي عن هدفه الأساسي في الرقة، وهذا يعني أن الأمر يتجاوز بكثير التصدي لداعش، بل تتمثل المهمة الأولى في دخول سورية، من الجنوب الشرقي على طول نهر الفرات، وصولا إلى دير الزور وانتهاء بالرقة، حيث يشتد الآن السباق نحو الرقة، مع حالة من الاستنفار العسكري الروسي والإيراني من الجو والبحر، حيث قوات الحرس الثوري وسرايا القدس، إلى جانب قوات نظام الأسد، وإرسال سفن محملة بصواريخ كروز على الساحل السوري.

وتتطور الحرب في سورية حاليا، كما يشير التقرير إلى حريق دولي واسع حول مستقبل سورية والشرق الأوسط كله، حيث حقول النفط الغنية، رغم كل ما يقال اليوم عن انخفاض أسعار البترول كنوع من التمويه المسيس، فضلا عن تجريب كثير من الأسلحة الجديدة وتدفق أموال إعادة الإعمار.

والمتابع لتفاصيل الخطة (ب) الأميركية وأهدافها البعيدة، يجد أنها لا تخرج عما أعلنه البنتاجون، منذ ما يقرب من ربع قرن، ويتلخص في "منع ظهور أي قوة قادرة على تحدي هيمنة الولايات المتحدة علي نطاق عالمي أو حتى إقليمي".