لا أظن أحداً في المملكة –خاصة- وفي العالم عامة يستطيع أن يدخل معي في حوار موضوعي حول الفكر المتشدد الذي تستند إليه "داعش" وتستمد قوتها الفكرية منه ومن فتاوى علمائه، فهو معروف، وهو فكر خطير جداً، وقد قلت في مقال سابق هنا، دعونا نجتثه نحن، لأن العالم قد يضطر إلى أن يجتثه بالقوة، كما فعل مع الفكر النازي بعد "هتلر" وبعد هزيمة ألمانيا في الحرب.

السؤال الأهم الآن من أين لداعش كل هذه الأموال، التي تصرف منها "بالهبل" على أفرادها، وتمكنها من شراء السيارات والأسلحة والغذاء والدواء، وكيف تصل إليها هذه الأموال وهذه السلع؟! هناك من يقول: إن داعش سطت على الجيشين العراقي والسوري ونهبت وغنمت منهما أسلحة وعربات، وسيارات، وهذا صحيح، وهناك من يقول إن "داعش" تفرض ضرائب وإتاوات على الناس الذين تحت حكمها في العراق وسورية، وهذا صحيح أيضاً وموثق، لكن كل هذا لا يمكن -بل يستحيل- أن يشكل كل هذه الثروة والإمكانيات التي بيد داعش! إنه مستحيل بكل المقاييس.

إذن من أين الأموال؟! تركيا، وهي تتبرأ من تهمة روسيا لها بشراء البترول الذي تستخرجه داعش من آبار العراق وسورية، وتسهل مرور ما تبقى منه إلى موانئها لتصديره إلى الخارج، قالت تركيا وهي تتبرأ: إن تاجراً سوري الأصل يحمل الجنسية "الروسية" هو المهرب، وهذا عذر غير مقنع، فمن أين وإلى أين يهرب، هذا هو المهم!

وهناك من يقول إن كمية الإنتاج الذي يمكن أن تستخرجه وتهربه "داعش" لا يتجاوز ثلاثمائة ألف برميل يومياً، وهذه كمية لا أثر لها في سوق البترول العالمية، وهذا صحيح لكنها ذات أثر بالغ في ثروة وقوة داعش، وسأوضح الآن، سأخفض الكمية إلى 200 ألف برميل يومياً، وسأفترض أرخص سعر ممكن، وهو 10 دولارات للبرميل الواحد، وسأفترض أن نصف قيمة البرميل تذهب لتكاليف الإنتاج، وأن نصف ما تبقى من مكسب تذهب رشاوى للوسطاء "تهريباً وشراءً"، يعني يبقى لداعش "دولاران ونصف الدولار فقط "وهي تعني" تسعة ريالات سعودية على الأقل" وتعني 9×200000 =1800000 بما مجموعه مليون وثمانمائة ألف ريال يومياً، يعني "ستة وثلاثين مليوناً شهرياً" وقد افترضت أن الشهر عشرون يوماً فقط، يعني أربعمائة واثنين وثلاثين مليون ريال سنوياً، فهل مثل هذا المبلغ يستهان به، سيما إذا علمنا أن الرد التركي، جاء لرد الاتهام الروسي الموثق -ليس بالكلام- بل بالفيديو الذي رصد ناقلات البترول وهي تسير من عند آباره حتى الموانئ التركية وطريقة استخراج النفط من منابعه، والمعاملة الراقية التي تعتمدها "داعش" مع مهندسي وعمال تلك المنابع البترولية في العراق وسورية!

أنا هنا لا أتهم أحداً، ولا أبرئه، لكني فقط أسأل من أين أموال "داعش" ومعداتها الحربية، وسياراتها الأميركية واليابانية الجديدة التي تصورها "داعش نفسها" وتوزعها في "فيديوهات" عبر مواقعها التي لا تحصى في "تويتر" وغيره، من أين؟!

هناك –كما يقال– استخبارات كثيرة -ربما- استغلت واستفادت من "داعش" وبالتالي دعمتها، لكن ما هي هذه "الاستخبارات" ولأي دولة تتبع، وما هي مصلحة دولتها في دعم الإرهاب؟!

دول المنطقة، وكما أعرف لا يمكن تحويل أموال من داخلها، ولا جمع تبرعات، إلاّ إن كان هناك دعم فردي، ويجري تهريبه مناولة يداً بيد!

هل أميركا ضالعة في الأمر؟! وهي تقود تحالفاً لمحاربة داعش، لكنه كان "حنيّناً" جداً على هذا التنظيم، إلى ما بعد قمة العشرين، فبدأ يقصف فعلاً مواقعها التي لم تكن طائراته التي ترصد وترى بيض الأسماك في قاع المحيط، لم تكن تراها قبل القمة المشار إليها، وقبل التدخل الروسي المسلح السافر في سورية وبداية مرحلة جديدة من قتل السوريين لتثبيت حكم الأسد.

لا أدري من الداعم الحقيقي لداعش، هل هي أميركا "المتلونة"، وما هي مصلحتها؟! أم من كان يغض الطرف عن ناقلات النفط، وتهريبه من الموانئ، أم من يشتري ذلك النفط؟ أم أن أموال "داعش" تهبط عليها من السماء؟! أجيبوا أنتم.