تصاعدت نسب البطالة في غزة اليوم، بعد 3 حروب في 6 أعوام، وأصبح الاقتصاد الآن راكعا على ركبتيه. وأُجبر مزيد من الأولاد على العمل نتيجة للحرب الأخيرة، بينما فقد كثيرون منهم كلا والديه معا، أو أصبح آباؤهم عاطلين عن العمل، أو مصابين أو معاقين أو مرضى، ولم يعد بإمكانهم العمل.
للطفلين عزيز "6 سنوات" وعبدالفتاح "8 سنوات" والد مريض يدعى ذياب الرانتاسي "42 عاما"، يعاني من سكري لم يُعالج، ولذلك أصبح عرضة للنوبات وفقدان الوعي، وهو ما يجعل من الصعب عليه العمل، وشقيقهما حمزة
"10 سنوات" مصاب بشلل دماغي، وهو يقبع مدفونا في كومة من البطانيات الرقيقة القذرة في منزل عائلته المكون من 3 غرف، ولا يكاد يغادره، وثمة شقيق ثالث، فارس "18 شهرا" أزيلت إحدى عينيه بسبب السرطان، وهو الآن في غيبوبة.
يصل عزيز وعبدالفتاح إلى المنزل من المدرسة، ويغيران ملابسهما، ولأنهما لا يستطيعان دفع ثمن الزي المدرسي، فإنهما يرتديان الجينز، وبلوزات من المواد الصناعية وصنادل بالية للمدرسة. ويلتف عزيز بمعطف شتائي رمادي جاءه هدية من المدرسة، وفي منتصف النهار يذهب الولدان إلى العمل في الأنقاض المجاورة وحول منزلهما.
يقول عزيز وهو يلتقط قطعة من الأنقاض: "لقد رأيت شظايا الصواريخ في المباني المدمرة، لكنني لا أعتقد أنها خطيرة جدا".
ويقول عبدالفتاح "أنا أعطي أبي المال الذي أكسبه ليشتري الطعام. أكلاتي المفضلة هي الدجاج والسمك، لكننا لا نأكلهما".
يعمل الأولاد والشباب الصغار في كل أنحاء قطاع غزة في أعمال مختلفة، من جمع الأنقاض إلى العمل في المصانع والكراجات، إلى بيع الأشياء في الشوارع.
يفترض أن يكون الحد الأدنى لعمر العمل في الضفة الغربية وقطاع غزة 15 عاما، و18 عاما للأعمال الخطرة، لكن ذلك لا يُنفذ في غزة.
وفي الضفة الغربية، تتمتع السلطة الفلسطينية بولاية على الأراضي المعروفة باسم المنطقة "أ" والمنطقة "ب"، وليست المنطقة "ج" الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
ويؤخَذ كثير من الأولاد الفلسطينيين إلى المنطقة "ج" للعمل في المزارع التي يمتلكها الإسرائيليون؛ ولا تستطيع السلطة الفلسطينية إرسال مفتشيها إلى هذه المزارع.
ووفقا لتقرير أعدته وزارة العمل الأميركية، لا توجد لدى السلطة برامج لمنع أو القضاء على أسوأ أشكال عمالة الأطفال، ووجدت الوزارة أن السلطة الفلسطينية فشلت في المصادقة على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بعمل الأطفال، بعد أن انضمت إلى اتفاقيات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الأطفال.
يقول الخبير الاقتصادي من غزة، الدكتور ماهر الطباع، إن واقع عمل الأطفال في غزة ربما يكون الأسوأ في العالم كله.
ويضيف: "سيتم خفض عمالة الأطفال فقط إذا كان هناك ضمان اجتماعي مناسب للعائلات الفلسطينية الفقيرة. يجب أن يكون هناك تضافر للجهود من جميع المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لمحاربة ظاهرة عمالة الأطفال، ولتكثيف الوعي بهذه الظاهرة".