لايبدو ترفاً أكثر من اللازم أن تناقش لجنة الاحتراف وشؤون اللاعبين في الاتحاد السعودي لكرة القدم مشروع التصنيف المهني للاعبين المحترفين تمهيداً لمناقشته مع وزارة العمل ومؤسسة التأمينات الاجتماعية، بل يبدو من المنطق اعتبارها ضرورة قصوى، وخطوة ستفتح الباب من جديد للنظر في إضافة مهنة لاعب كرة قدم محترف على بطاقة الأحوال المدنية للاعبين المحترفين، وهي الخطوة التي قرر اتحاد القدم أن يكلف رئيسه أو نائبه بالاتصال بشأنها مع وزارة الداخلية لبحث مثل هذه الإمكانية من عدمها.
في كل يوم نطالع أخباراً عن لاعبين قدامى تحول أحدهم إلى مهنة لا تليق به، وبات آخر بلا أي مصدر رزق، ويتجول ثالث طارقاً باب هذا وذاك للحصول على ما يسد الرمق فيما يمكن أن نسميه إهدارا للكرامة وإراقة لماء الوجه.
وحتى لو كان البعض يرى أن إدارة اللاعب لما يحصل عليه من إيرادات جراء احترافه لكرة القدم هي مسؤولية هذا اللاعب في الدرجة الأولى، فإن ذلك لا يعفينا من أن نساعده، حتى لو جبراً، بأن يحسن هذه الإدارة، بحيث يجد في المحصلة، وبعد اعتزاله اللعبة التي لا تدوم ممارسته لها على المستوى الاحترافي سوى بضع سنين، ما يضمن له الحياة الكريمة، ويحفظ له الصورة الجميلة التي رسمها خلال احترافه، وما يضمن أن يجنبه وأسرته شظف العيش ومؤونة السؤال.
والاعتراف بمهنة كرة القدم رسمياً، سيضمن إيجاد تنظيم خاص بالمعاشات والتقاعد بالنسبة للاعبين، على غرار المعمول به لدى موظفي القطاعات الأخرى، بحيث يتم اقتطاع نسبة ما من مرتبه أو قيمة العقد المبرم بينه وبين النادي لتوضع في صندوق التقاعد وفق ضوابط خاصة ستعينه بعد أفول شمس نجوميته، أو عند تعرضه لإصابة قد تنهي مشواره الكروي على حين غرة.
ومن المؤكد أن اعتماد مهنة كرة القدم لا يبدو سهلاً، إذ إن قصر ممارسة اللاعب للعبة، وضمانات تدفق رواتبه في موعدها دون تأخير ودون مماطلة وتسويف ومن ثم المساومة عليها، على خلاف بقية الموظفين، يعيق مثل هذا الاعتماد الذي يحتاج إلى تدخل قانوني يضبط هذا الاعتماد، ويعطيه شرعيته القانونية وآليات تطبيقه، وهو ما لا يبدو ميسراً في الوقت الحالي، لكنه يبقى خطوة مرتقبة وضرورية لا بد من التعامل معها والتمهيد لها منذ الآن.
وعلى الرغم من المعوقات حاولت رعاية الشباب، وبعض الأندية، لكن دون تنظيم شامل ومتكامل أن توجد ما يمكن أن يضمن للاعب بعد الاعتزال والإصابة وترك اللعبة حياة كريمة عبر صندوق التكافل، وصندوق اللاعبين، وغيرهما من الصناديق، إلا أن كل ذلك يبقى اجتهادات لا ترقى حتماً إلى التنظيم الرسمي المأمول والمنشود، والذي قد يكون التصنيف المهني للاعبين خطوة أولى له وباتجاهه.