ما تزال بعض المقابر في مناطق عسير وجازان ونجران والباحة، في حاجة إلى الاهتمام بها، إذ تفتقر إلى النظافة والحراسة وآلية رسمية للدفن، إضافة إلى أهمية إحكام إغلاق أبوابها، والتي تكون غالبا مفتوحة بلا رقيب، مما يجعل القبور عرضة لانتهاك حرمتها بالنبش والعبث.


الدفن بلا آلية

بين المتحدث الرسمي لأمانة منطقة جازان طارق رفاعي أن آلية دخول الجثث إلى المقابر تكون من أهالي المتوفين دون أي آلية رسمية محددة لدفن الجثث، أو آلية محددة لدخول المقبرة، سواء خلال دفن الجثث أو زيارة المقبرة.

وأكد في تصريحه أن هناك عمليات صيانة دورية ومستمرة للمقابر في المنطقة وتحديدا في أوقات الضرورة أو الحاجة إليها، وفي الوقت الحالي تقوم الأمانة بأعمال صيانة لبعض المقابر، وتتضمن تنظيف المقابر وصيانة أسوارها وغيرها.

وأشار رفاعي إلى أن جميع مقابر جازان مسوّرة، ولها بوابات، وليست كل مقابر المنطقة لها حراسات خاصة بها، وإنما كل المقابر في المنطقة تحت الرقابة المستمرة من الأمانة، مبينا أن الشوارع أو الطرق المؤدية إلى المقابر لا توجد بها لوحات إرشادية، وإنما تقتصر اللوحات على أسماء المقابر، إضافة إلى أن هناك مشروعات سفلتة سترى النور قريبا، كما أن هناك مقابر ما زال العمل جاريا على إنارتها.

وأضاف أنه ليست هناك تعديات أو انتهاكات للمقابر وحرمتها، ولكن إن تم اكتشاف أحد المقابر القديمة غير المعلومة خلال تنفيذ المشروعات، فيتم تشكيل لجنة من البلدية وإمارة المنطقة وهيئة الأمر بالمعروف والشؤون الإسلامية للتأكد منها، وإن ثبت وجود مقبرة قديمة، يتم إيقاف المشروع مباشرة.


عبث وإهمال

تذمر عدد من المواطنين في منطقة الباحة من إهمال المقابر وعدم الاهتمام بها، إضافة إلى العبث بجدرانها من المراهقين، وتحويلها إلى ساحات للتعبير عن مشاعرهم.

وأوضح المواطن عمير عبدالله أن القبور في المنطقة لا تجد العناية الكافية والمتابعة الحثيثة من البلديات، مبينا أنها تضع سورا لتترك البقية للأهالي دون معرفة الاحتياجات اللازمة لهذه المقابر، مشيرا إلى أن الدخول إليها والعبث بها سهل جدا.

وأضاف المواطن سفر الغامدي أن هناك قصورا كبيرا تجاه المقابر، كعدم توفير إنارة أو مياه، مطالبا أن تولي الجهات المختصة جل اهتمامها حول القبور. وقال مدير العلاقات العامة والإعلام المكلف بفرع الشؤون الإسلامية والأوقاف بالباحة محمد الغامدي "إن المقابر ليست من اختصاصهم إلا إذا كانت فقط مشاركة عامة.





انتهاك حرمة الموتى

في الوقت الذي كثفت فيه أمانة منطقة نجران جهودها في رصد ميزانيات مخصصة للمقابر، أكد عدد من أهالي نجران أهمية الاهتمام بها عن طريق توفير الحراسات الأمنية التي تضمن لها عدم انتهاك حرمة الموتى، وتنظيم عمليات الدفن، واستلام الجثث بالطرق الرسمية.

وبين المواطن محمد بالحارث أنه قبل عشرات السنين يعتمد الأهالي على إنشاء مقابر مخصصة لكل قبيلة، فنجد معظم الأحياء لا تخلو عن وجود مقبرة، إلا أنه ومع مرور السنين أصبحت تلك المقابر ممتلئة.

وأكد المتحدث الرسمي لفرع وزارة الشؤون الإسلامية في نجران محسن الحارثي، أنه عند حدوث أي تعدي لحرمات الموتى، فإنه يتم التأكد من اللجنة المشكلة من عدة جهات معنية، يلي ذلك قيام الفرع بكتابة محضر للتعدي، ثم يُرفع إلى مفتي عام المملكة للإفتاء عنه، ثم الرفع إلى الجهات المختصة سواء المحكمة العامة أو شرطة المنطقة، لإيجاد العقوبات واتخاذ الإجراء اللازم بحق من يثبت عليه التجاوز.

وأوضح مدير العلاقات العامة والإعلام في أمانة نجران عبدالله آل فاضل، أن للأمانة دور منوط بها، من ناحية التصميم والتسوير والترميم والدهانات وصيانة البوابات، إضافة إلى برنامج صيانة دورية لأعمال النظافة وقص الأشجار وتوفير المداخل والممرات، مع وجود إنارة يتم استخدامها عند الحاجة.



النفايات إهانة وأذى للميت


"الوطن" زارت إحدى المقابر الواقعة في حي النصب بأبها، وكان من السهولة فتح الباب والدخول إليها والتجول فيها، ولوحظ بشكل واضح انتشار نفايات ومخلفات داخلها.

وأوضح رئيس فرع الإفتاء في منطقة عسير الشيخ الدكتور سعد الحجري، أن حرمة المسلم بعد موته كحرمته حال حياته، لذلك ينبغي أن يتم الاهتمام بالمقابر، وهذا الأمر من شؤون البلديات التي تسور المقابر وتقفلها وتعمل لها صيانة، وتمنعها من كل أذى، مستغربا من إهانتها برمي القاذورات والاعتداء، إذ لا يجوز إهانة الميت وأذيته بأي نوع من أنواع الأذى.

وقال في تصريحه "على البلديات أن تجتهد اجتهادا جيدا وزائدا، في حماية المقابر بالتسوير، وحمايتها بالتعهد وإزالة ما يؤذي الموتى بأي شكل من الأشكال، ونحن في بلد مسلم يراعي حرمة الميت، ونجد أنه تم تخصيص مبالغ لتسوير المقابر من باب صيانتها والعناية بها وهذا أمر يهم الجميع".

وحول تنظيم الدفن وتوفير حراسات، وتخصيص زيارة المقابر في أوقات محددة، أكد الحجري أن هذا عمل مشكور، لأنه يترتب عليه ألا تستغل المقابر استغلالا غير سليم، وألا يكون ذلك عرضة لأن يدفن في المقابر من يُجنى عليه أو يُعتدى عليه، أو ما شابه ذلك، فالتنظيم أمر مطلوب، وينبغي أن يكون ذلك بلجنة من الأوقاف وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبلدية وغيرها، وأما الزيارة فإنها عامة حتى من وراء الأسوار، ولا يشترط دخوله المقبرة.