بات من السهل جدا تحميل أي أغنية من اليوتيوب بشكل مجاني، بعد أن تكبّد صاحبها الكثير من الخسائر المادية مما يجعل من عمله غير مدفوع التكاليف أحيانا، وفي أحايين أخرى تكون الشهرة هي القيمة، بيد أن كل أجير يطمح بربح، فهل الأغاني اليوم في عصر التقنية والإنترنت، باتت ممتلكات عامة يسمعها ويحمّلها وينشرها كل شخص؟ ولا ينال صاحبها الأصلي في المقابل شيئا، سوى شعبية بين المستمعين؟ أم أنها ملكية خاصة ومن حق صاحبها أن يتمتع بكل أرباحها دون مناصفة مع آخرين؟
يقول البروفيسور والباحث في علوم الإعلام دي?يد هيسمونتيج أو david hesmondhalgh إن تعدد الخيارات للمستمعين في الإنترنت يجعل المغني يواجه تحديا حقيقا قبل نشر أي مادة، إضافة إلى أن احتمالية ضمان عدم نسخ الأغنية ونشرها في عدة مواقع غير ممكن حاليا، الحل الوحيد كان تعيين جهات عالمية مثل إدارة الحقوق الرقمية أو Digital rights management لمراقبة حسابات الناس الشخصية من عدم التعدي على أغنيات المشاهير ونشرها مجددا، إلا أن هذه الرقابة تبقى محدودة مقارنة بعدد الناشرين أو (المعجبين). حصلت المطربة اللبنانية أليسا قبل عدة أشهر على جائزة أكثر مغن يُتابع على التلفاز، ذلك أن القنوات التلفزيونية محدودة مقارنة بالقنوات في اليوتوب مثلا، لذلك فإن معرفة من هو أكثر مغنٍّ مُتابَع ممكن ومعقول، وتهانينا لأليسا، إلا أن الحصول على جائزة أكثر مغن مُتابع على الإنترنت، لا تبدو أمرا صادقا أو منطقيا، إذا نظرنا لإشكالات مثل الحسابات الوهمية والمزيفة وهكذا، لذلك إذا أردت أن تحصي عدد مشاهدات أغنية ما، فاجمع عدد مشاهداتها بكل إصداراتها على الإنترنت، وليس الأغنية المحملة في حساب صاحبها فحسب، لأن جماهيرية الإنترنت تبقى غامضة وغير دقيقة مقارنة بالتلفاز والإعلام التقليدي.
أول رد فعل عالمي إزاء هذه القضية، جاء في أواخر التسعينات الميلادية بمؤتمر جنيف، المسمى بـ"تنظيم الملكية الفكرية العالمية"، وانتهى الأمر بالدول المشاركة فيه لتغيير دساتيرها بسبب الإنترنت، اشتملت التغييرات على اعتبار أي منشور ذاتي على الإنترنت بواسطة أي شخص، هو ملك فكري له، ولا يحق لأي شخص، كائنا من كان، نشره دون موافقة صاحبه الأصلي، وكان هدفهم من ذلك إبقاء الغناء سوقا مربحا لروّاده، وربما سوق لا يجبرهم على الغناء في حفلات الأعراس كي يكسبوا لقمة عيشهم.
من أوائل الأحكام القضائية الرسمية ضد سرقة ملكية فكرية غنائية عن طريق الإنترنت، كانت في عام 2000 إذ نشر أحد المعجبين بالمغني الأميركي ميتاليكا جميع أغنياته في عدة مواقع، إلا أنه حين احتدم الجدال مع القاضي قال الجاني بالفم المليان: "تبا لك يا لارس، الموسيقى تنتمي لنا أيضا"، وبهذا يُعاد طرح سؤال ظاهره بسيط، إلا أن فحواه بالغة التعقيد: هل الأغاني ممتلكات عامة؟