رفعت الحكومة أسعار الطاقة والمياه، لتخفيف الضغط على الميزانية العامة للدولة والتغلب على عجزها المالي.
ذلك القرار جعل المواطن شريكا في إعادة هيكلة الوضع الاقتصادي للبلاد، بتحمله كلفة زائدة لبعض الخدمات.
من الطبيعي لحظة الإعلان عن زيادة الأسعار أن يكون التوجس ردة فعل المواطنين الأولى، فالإنسان بفطرته حساس تجاه ما يمس ضروريات معيشته اليومية، كالوقود والماء والغاز والكهرباء.
من العدالة القول إننا كمواطنين لم يؤخذ رأينا سابقا في التخطيط لاستثمار فوائض الميزانيات السابقة، رغم علو الأصوات والمقترحات.
فكم من مرة نودي بتنويع موارد الدولة، أو إنشاء صندوق سيادي استثماري، يكون سندا لخزينتها عندما تسوء الأمور، رد المسؤولين التنفيذيين حينها كان بين التجاهل والرفض.
كان هناك يقين بوجود هدر مالي، يقابله انخفاض في كفاءة الإنفاق.
فالصرف يتم ببذخ كما لو أننا على نهر جار. لذا من الطبيعي توقع عدم دوام الوفرة المالية بذلك السخاء، وسيأتي يوم تواجه فيه الخزينة العامة عجزا.
حدث ما حدث من انخفاض في أسعار النفط، ووافق أن تحملت الدولة أعباء مسؤولياتها في الداخل والخارج، كل ذلك من الطبيعي أن يكون له تأثير على الخزينة العامة.
منتصف الأسبوع أعلنت الميزانية العامة للدولة، ورافقها تعديل أسعار بعض الخدمات، وعلى غير العادة عقد موجز صحفي لعدد من الوزراء للكشف عن تفاصيل الميزانية، وتلته لقاءات مع محللين ومتحللين.
اللافت معظم الوقت، كمية التطبيل التي رافقت إعلان الميزانية، والطريف أنه بـ"الرتم" نفسه الذي كان عليه عندما كانت الميزانية تحقق فوائض. تغيرت الملاءة المالية بينما التطبيل هو الثابت!
كانت هناك مزايدات على الوطنية من البعض، رأينا تسطيحا ووصاية على العقول من فريق، فيما آخر ظل يلمح بـ"منّة" عن مآل مصروفات الميزانيات السابقة، ومصرحا بذهابها إلى جيب المواطن مباشرة. ولو كان وعي المواطن ضعيفا لاعتقد أن هناك ما يخفى عنه!
الواقع يقول إن الميزانية تضمنت عجزا أعلن عنه رسميا وبالأرقام، وهو بلا شك مزعج رسميا وشعبيا، والحل بالتكاتف وتفهم الإجراءات التي اتخذت للتغلب عليه.
أما محاولات الاحتفاء بالعجز لدرجة تصويره على أنه في مصلحة البلاد والعباد، فهو خليط من الاستغفال والنفاق!