الكتابة بشقيها نقدية أو انطباعية، عن الشخصيات أو الأعمال الأدبية من أكثر القضايا الأدبية حساسية، لأنها يمكن أن تدخل في دائرة الاحتفاء بالعمل الجيد، وفي ذات الوقت قد تحسب في خانة المجاملة الشخصية أو تبادل المنافع المعنوية بين الكاتب والمكتوب عنه، على طريقة "اكتب عني.. وأقطع لك". مما أدى إلى تداخل واضح بين الدائرتين في أذهان المتلقي، حتى وإن كان العمل الأدبي أو الشخصية اللتان كتب عنهما تستحقان الإشادة النقدية. فما أفسد الساحة الثقافية، وخلخل الثقة في كثير مما يكتب "نقديا"، إلا القراءات السطحية التي تفوح منها رائحة المال أو المصلحة الآجلة وربما العاجلة. حتى بتنا نلمس عزوفا شديدا من معظم الأكاديميين والنقاد السعوديين عن دراسة الأعمال الأدبية الجديدة، بل إن بعضهم ممن يسعون للترقية العلمية في جامعاتهم ـ وهذا حقهم ـ اتجهوا لدراسة إنتاج أدباء السبعينات والثمانينات الميلادية خصوصا المتوفين منهم، أو الرواد الذين لا يمكن الاختلاف عليهم أو التشكيك في جودة إنتاجهم. وآخرون انخرطوا في موجة النقد الثقافي أو تتبع الظواهر الفنية العامة في مجمل ما يقع تحت أيديهم من نتاج أدبي، ولم نعد نجد دراسة نقدية جادة تتناول عملا واحدا حديثا. وقد يعزو البعض هذا الأمر لجانب آخر وهو الضعف الفني لكثير من الإنتاج الجديد، أو تشابهه إلى درجة التناسخ مع المطروح سابقا. ولكنني أعتقد أن إفساد النقد بمبدأ "اكتب عني" كان له دور أكبر في ابتعاد النقاد عن دراسة الأعمال الجديدة بشكل أوضح. وفي المقابل نجد نشاطا كبيرا لبعض "نقاد الغفلة" خصوصا من بعض الإخوة العرب، الذين يعرفون "من أين تؤكل الكتف النقدية؟"، حتى إن أحدهم كتب دراسة "طويلة عريضة" عن مجموعة خواطر عاطفية لإحداهن، وبدأ في توزيعها على معظم الصحف المحلية التي لم تنشرها حتى الآن على الأقل.
ولو نظرنا بشفافية لبعض الأسماء الأكاديمية التي تتكرر في كل ملتقى أدبي يقام داخل المملكة، ثم وضعنا تلك الأسماء على أي محرك بحث على الإنترنت، سنفاجأ أن الدعوات التي تأتيهم أو تعطيهم الضوء الأخضر للمشاركة بمناسبة وبدون، كانت عرفانا معنويا وماديا لـ"قراءة نقدية"، جعلت أحد المنظمين للفعالية نجما ثقافيا وإبداعيا لا يشق له غبار. وكل ذلك تحت بند" اكتب عني.. وأقطع لك أي مسافة للوصول..!!".