أكدت الإدارة الأميركية على أن الاتفاق النووي مع إيران كان مركزاً بصورة ضيقة، ولم يكن هدفه التطرق لمخاوف مثل دعم إيران للإرهاب أو نشاطاتها الإقليمية. ولكن، في حين حصلت الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها على صفقة ضيقة النطاق، فازت إيران بصفقة أكثر شمولاً بكثير.

لقد وضَّحت أفعال إيران أن كل ما يمكن انتظاره منها، على أبعد تقدير، هو الالتزام بحرفية نص الاتفاق. وكما أشار السيناتور الأميركي بوب كوركر، فمنذ توقيع الاتفاقية في يوليو، حكمت إيران على مراسل صحيفة "الواشنطن بوست" جيسون رزيان، المعتقل منذ أكثر من عام، بالسجن وقامت بسجن شخص "إيراني-أميركي" آخر. وقد تحدت عقوبات الأمم المتحدة من خلال تصديرها الأسلحة إلى اليمن وسورية، وإرسالها الجنرال قاسم سليماني-قائد "فيلق القدس" العسكري النخبوي في إيران- ومسؤولين آخرين فُرضت عليهم عقوبات، إلى روسيا والعراق وأماكن أخرى، وكذلك من خلال إجراء عمليتي إطلاق صواريخ باليستية. ووفقاً لبعض التقارير انخرط قراصنة الإنترنت الإيرانيون في هجمات إلكترونية على وزارة الخارجية الأميركية. كما رفضت إيران التعاون بشكل كامل مع تحقيقات الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن بحوث الأسلحة النووية التي تجريها.

إن التراخي في وجه سوء السلوك الإيراني يعني أنه يمكن أن تحصل طهران على تخفيف العقوبات بصورة أكبر من المتوقع مقابل وضع قيود محدودة ومؤقتة على نشاطاتها النووية. وإن لذلك ثمناً باهظاً ومن غير المرجح أن يحقق أهدافه. وسيكون من السذاجة لإيران أن تنسحب من اتفاقية توفِّر لها مكاسب مالية مهمة، وتضعها في موقع جيّد لتطوير أسلحة نووية في غضون 10 إلى 15 عاماً. إن تقويض مصداقية التهديد الذي يصدر من قبل الولايات المتحدة بمعاقبة مثل هذا العمل لا يؤدي سوى إلى تشجيع الإيرانيين على اختبار حدود الصفقة.

إن الحفاظ على قوة الردع فضلاً عن مصداقية عقوبات الأمم المتحدة يستلزم ردوداً مجدية على الاستفزازات الإيرانية، وذلك باستخدام كامل الأدوات المتاحة أمام واشنطن. وهذه الحاجة لا تعيق المحادثات مع إيران وفقاً لما قد تتيحه الأحداث أو الخطوات الاستراتيجية، وبدلاً من ذلك تعني استخدام أسلوب "العصا والجزرة" معاً، وعدم إهمال التزامات الولايات المتحدة بموجب الاتفاق النووي طالما أنها تبقى سارية المفعول.

وبقدر ما قد يريد منتقدو الرئيس باراك أوباما رؤية رد أكثر صرامة على أفعال إيران، يتعيَّن على مؤيدي الاتفاق النووي أن يكونوا أكثر حرصاً على ذلك. وإذا تم تجاهل تغاضي إيران عن الأوامر الدولية -التي تم إصدار العديد منها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهي الخطوة الأكثر خطورة التي بإمكان مجلس الأمن اتخاذها- فلن يطول الوقت قبل أن تعامل طهران الصفقة النووية بالطريقة نفسها.