ترقب الجميع بثقة كبيرة خطاب الملك سلمان الذي ألقاه للمرة الأولى بعد توليه الحكم أمام مجلس الشورى، وتطلع الشعب باهتمام بالغ إلى هذا النوع من الخطابات المباشرة، والتي توجه إلى الجميع، مسؤولين ومواطنين، لما يشكله من أهمية.

خطاب الملك تضمن السياسة الداخلية والخارجية، ويأتي الخطاب دلالة على استمرارية وتيرة العمل الإصلاحي في الداخل والخارج بوتيرة متوازنة، على الرغم من التقلبات السياسية والاقتصادية في المنطقة.

القيادة لدينا يحركها الإيمان القوي أن الوطن فوق كل متغيرات، وأن المواطن هو القلب النابض للوطن، فإذا كان الوطن هو الجسد الكبير، فإن المواطن هو القلب النابض، ويشكلان المعنى الكبير لمفهوم الوطن والمواطنة، وبلا شك فإن المحبة للأوطان والانتماء إليها أمر غريزي وسلوك يكتسب، لأن فطرته تربطه بها، فيحبها ويواليها.

جميعنا تحركنا المواطنة، وننطلق من هذه الحس والمعنى، فالمواطنة ستظل علاقة بين فرد ودولة، وما يصاحبها من مسؤوليات، وما يبنى عليها من حقوق، مثل حقوق الانتخاب وتولي المناصب العامة، وهذا ما تبدو عليه المرحلة الحالية، إذ أصبح المواطن شريكا في مسيرة التنمية، وها هي الانتخابات البلدية تعطي معاني أخرى لمفهوم المواطنة، وتأتي مثالا على الدفع بخطط التنمية إلى النجاح.

قطاعا التعليم والصحة باعتبارهما من أكبر القطاعات التي تمس حياة المواطن، بل وأكثر أهمية وأقوى القطاعات تأثيرا، لهذا يأمل المواطن أن يكون هذان القطاعان الأفضل والأقوى، فبقدر ما تمنح الدولة من دعم مالي وميزانية كبرى لهذين القطاعين، إلا أن الرهان الحقيقي يبقى على العنصر البشري وكفاءته المهنية.

الجميع يتطلع إلى تعاون كبير لتعزيز المكتسبات ومعالجة المعوقات في هذين القطاعين، وكان محور كلمة الملك سلمان التي ألقاها أن الإنسان المواطن السعودي يأتي أولا في كل خطط التنمية والاقتصاد والقضايا الداخلية، ثم يصبح تعزيز المكتسبات -اقتصادية أو سياسية- مطلبا وطنيا ملحا.

نعم، نحن جميعا نتطلع إلى هذه النتائج، ويأمل كل مسؤول وكل مواطن أن يكون له دور حقيقي متاح ليبدي مدى انتمائه إلى الوطن ولمتطلباته وللحياة الكريمة التي هي مطلب أي مجتمع معافى. فما الذي ينقصنا لتكون المعادلة واضحة؟ بالتأكيد لا ينقصنا أن يؤمن المواطن بوطنه، ولا ينقصنا الانتماء إلى الوطن، لأن الانتماء قبل كل شيء هو قِيم ومبادئ، وهو مؤشر لقوة الشعوب وتماسكها، ويبقى الرهان قائما على توجيه مكتسبات التنمية في الاتجاه الصحيح.