إن الدارس للإدارة التربوية كفن إداري يشتمل على أدوات وأساليب إدارية من جانب التنظيم وسير العمل أو من جانب الموارد البشرية والمادية، يتضح له للوهلة الأولى أنه لا يوجد أي اختلاف جوهري عن أساليب وأدوات الإدارة العامة، لذلك نجد أن هناك استنساخا كاملا لجميع ما كتب في الإدارة العامة والمصانع التي ظهرت في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ليتم إدراجها ضمن الإدارة التربوية.
لو ناقشنا نشأة الإدارة العامة في القرن التاسع عشر وحتى خمسينات القرن العشرين نجد أن جميع نظريات (المدرسة الكلاسيكية) خرجت من المصنع، لذلك كان هدفه النهائي خفض التكلفة لأقل درجة ممكنة من أجل تحقيق أعلى ربح ممكن، لذلك كان هدفه ماديا بحتا، في السنوات اللاحقة ظهرت مدارس إدارية مثل (المدرسة الإنسانية والمدرسة السلوكية) نادت بمبادئ أخرى إلا أن الهدف كان واحدا، والاختلاف كان فقط في الأساليب والأدوات المستخدمة في إجراءات العمل. كل هذه المدارس لا تتفق مع هدف الإدارة التربوية التي تهدف إلى تحقيق تنمية مجتمعية ترتكز على الجانب الأخلاقي والسلوكي والمهاري والوجداني. إن توظيف نظريات الإدارة العامة في الإدارة التربوية لهو إجحاف بحق التربية التي تختلف في هدفها النهائي عن الإدارة العامة وإدارة الأعمال، لذلك نجد الدارس في الإدارة التربوية يصاب بتضارب مفاهيمي حول الإدارة التربوية والاختلاف بين الفكر والتطبيق. في عام 1950، حاول بعض علماء الإدارة الاهتمام والتخصص في الإدارة التربوية كجانب له رؤى وأهداف مختلفة فظهرت نظريات تسمى (نظريات الإدارة المدرسية)، وقامت بتأسيس نظريات تقوم على مبادئ اجتماعية وإنسانية.
نظرية الإدارة كعملية اجتماعية: هذه النظرية التي اهتمت بالتكامل والتكيف بين المجتمع والمنظمة وتأثير كل منهما على الآخر، أكدت أن الإدارة التربوية ذات هدف اجتماعي تنموي ليس فقط داخل المنظمة وإنما خارجها. أيضا اعتبرت أن بين المهام والأفراد علاقة تفاعلية كل منهما يؤثر على الآخر الذي يظهر في النهاية على شكل سلوك اجتماعي.
ظهرت أيضاً نظريات أخرى ناقشت العاملين في الإدارة التربوية وكيفية إشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية والفسيولوجية وكيفية تطوير مهاراتهم (نظرية ماسلو للحاجات) و(نظرية الأبعاد الثلاثة)، وأخرى قسمت الإدارة على أساس القرارات المتخذة (نظرية الإدارة كعملية اتخاذ القرار)، وأخرى اهتمت بالتنظيم (نظرية المنظمات)، واعتبرته عاملا مهما جداً في المنظمات عن طريق يتم فيه فهم التنظيم وتحليله وحل مشكلاته. أيضاً هناك نظريات متعددة ناقشت السلطة والقيادة والدور ومصادر القوة داخل التنظيمات الاجتماعية (نظرية القيادة) (نظرية الدور) (نظرية الإدارة كعلاقات إنسانية).
أما نظرية الإدارة كوظائف ومكونات، فقد كانت فارقا في إسهامات الإدارة، حيث قام سيرز بوضع وظائف محددة للإدارة، شملت التخطيط والتنظيم والتوجيه والتنسيق والرقابة، هذه الوظائف كانت تحديا للإدارات التعليمية التي قامت باتباع هذه الوظائف المصنفة والشاملة، حيث تتميز بالشمول والتركيز. وأخيرا ظهرت نظرية اعتبرت أنه لا يوجد نظرية منهجية واحدة يمكن اتباعها، وإنما لكل ظرف منهج وأسلوب، وأن المرونة مطلوبة لتتحقق الإنتاجية (النظرية الموقفية).
ورغم أن هذه النظريات قامت على معالجة الإدارة التربوية إلا أن أساسها كان قائما على الإدارة العامة والمصانع التي بدأت في القرن التاسع العشر، ولكنها كانت أكثر اهتماما بالجانب الاجتماعي والعلاقة التفاعلية بين المجتمع والمنظمة، وهذا يضفي عليها صبغة منظمات اجتماعية متخصصة في الإدارة التربوية.