استبق سكان العاصمة صنعاء معركة تحرير المحافظة من فلول التمرد الحوثي وميليشيات المخلوع، صالح، وقاموا بطمس الكثير من الشعارات المذهبية التي رسمها عناصر الجماعة الانقلابية في وقت سابق، على غالبية جدران وحوائط منازل السكان والمؤسسات الحكومية، واستبدلوها بشعارات قومية، تنادي بالوحدة الوطنية والمساواة أمام القانون. إضافة إلى عبارات تندد بالعنصرية وبالحرب، وتنادي بالمساواة وعدم التمييز بين أبناء البلد الواحد. يأتي هذا بعد التقدم الكبير لقوات الجيش الوطني ورجال المقاومة الشعبية نحو العاصمة صنعاء من جهة الشرق.
واحتفى ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بالخطوة التي نفذتها المقاومة، ووصفوها بأنها "استعادة الروح لقدسية الوطن والمواطنة والمدنية والمساواة".
وكانت عناصر حوثية قد تولت، بمجرد اجتياح صنعاء، في 21 سبتمبر 2014 رسم ما يسمى بشعار "الصرخة" على معظم البنايات والشوارع الرئيسة، والمقرات العسكرية التي سيطروا عليها، لرفع معنويات مسلحيهم. وعلى الرغم من أن كثيرا من سكان العاصمة رفضوا كتابة تلك الشعارات على جدران منازلهم ومحلاتهم التجارية، إلا أن مسلحي الجماعة الانقلابية رفضوا تلك الاحتجاجات وهددوهم بالعقاب إذا أقدموا على إزالتها.
دلائل متعددة
أشار المحلل السياسي، سالم العلياني، إلى أنه على الرغم من رمزية الخطوة التي قام بها سكان صنعاء، بإزالة تلك الشعارات المذهبية، إلا أن تعطي إشارات سياسية عميقة، وقال في تصريحات إلى "الوطن": "إن هذا التصرف يرمز إلى حقائق متعددة، أبرزها أن المتمردين فشلوا في استمالة قلوب السكان، ولم يكسبوا غير ترسيخ عداوتهم في نفوس المواطنين، بعد الانهيار الكبير الذي أصاب معظم مناحي الحياة بسببهم، والتدهور الذي وصلت إليه اليمن، خلال الفترة التي تولوا فيها مقاليد الحكم بالقوة. وهذا الفشل الذريع هو نتيجة طبيعية للوضع المأساوي الذي وصل إليه الاقتصاد، للدرجة التي أرغمت السكان على بيع أثاث منازلهم وملابسهم، لمقابلة الارتفاع الجنوني في أسعار السلع الغذائية، والفساد الذي يضرب كل أجهزة الدولة، وتحكم عناصر الجماعة الحوثية في مصائر الناس ومستقبلهم. وهذا الوضع ينذر بانتفاضة داخلية حاسمة سوف يقوم بها سكان العاصمة ضد الميليشيات الانقلابية، بمجرد إعلان بدء معركة التحرير".
تراخي قبضة التمرد
أضاف العلياني "كذلك يمكن استيعاب أن الأهالي في صنعاء تحرروا من الخوف الذي كانوا يشعرون به في السابق من القمع الذي يمكن أن يمارسه الانقلابيون ضدهم، إذا أقدموا على الإتيان بأي فعل يعكس تذمرهم وسخطهم. ويشير طمس الشعارات الطائفية كذلك إلى أن القبضة الأمنية للجماعة الانقلابية تراخت كثيرا ولم تعد الميليشيات تسيطر على العاصمة كما كان الوضع في السابق. وفي كل الأحوال فإن الضغوط التي يعانيها السكان في صنعاء تدفعهم إلى الإتيان بأي فعل، بعد أن وصلوا مرحلة من اليأس العميق، وبعد أن ذاقوا الأمرين على أيدي الجماعة الانقلابية التي سرقت أموال المواطنين، وصادرت ممتلكاتهم، وفرضت عليهم الضرائب الباهظة، وأوصلتهم إلى درجة من الضنك غير مسبوقة".