حتى الآن وما زال ما بُشرنا به من تطوير للمناهج والرؤى والأفكار يراوح مكانه دون أدنى تغيير يذكر في التعاطي مع الطالبات من قبل المعلمات والإدارة بما يتناسب والنسق التطويري، ماعدا الزيادة الهائلة في الواجب المنزلي الذي تكلف به الطالبة علها تعين معلماتها في هذا الحمل الثقيل (المنهج المطور). حتى نجبر على التساؤل، هل نحن كائنات غير قابلة للتطوير؟ لكن بنظرة فاحصة إلى مدارس البنات وداخل أروقة مبنى الإشراف التربوي النسائي سنعرف السبب.. فدائما ما يخافون في التعليم من الدماء الشابة ومن الأفكار المتجددة والعقليات المواكبة للزمن، فماذا نتوقع عندما يناط أمر تنفيذ الخطط التطويرية في المدارس بجيل تشرب بالقديم وغرق به حتى انقطعت صلته بالحاضر، فمديرات المدارس في أغلبهن ممن أصبحن يدحرجن عجلة الزمن بتثاقل للوصول بها إلى النصاب المطلوب للتقاعد المريح، بل إنهن لم يجلسن على كرسي الإدارة إلا بعد أن اجتزن (اختبار الكفاءة) أو (فقد المرونة) الذي تشرف عليه مشرفات يزكين من يرين فيها امتدادا للخط المتجه للقدم والأصالة. فلا نتوقع من المديرة إلا أن تطالب معلماتها بالإشراف على المقصف وبيع المواد الغذائية للطالبات ثم تطلب منهن تجهيز لوحات تربوية وتثقيفية لنشرها في الممرات ثم ترتدي بدلة رجل الأمن في نهاية الدوام لتنظم خروج الطالبات حسب البطاقات وتشرف على إركابهن للحافلات ثم تعود للتأكد من إطفاء الأنوار وإغلاق المكيفات وتجلس مع آخر طالبة تأخر عنها والدها، فماذا تبقى من جهد لدى المعلمة لتعطيه للطالبات؟ وهذا الأمر لا يهم المديرة بالطبع.

أما المشرفات التربويات فقد أصبحن يثرن الشفقة بحديثهن المكرور عن ضبط الفصل وتقييد المعلمة للطالبة بنظرة منها على الكرسي الخشبي كالتماثيل، بعد أن أوجد انقراض دفاتر التحضير اليدوية فراغا كبيرا لديهن حيث تنصب عليه أغلب التوجيهات فضلا عن لباس المعلمة وقياس طول الكم بالسنتيمتر، وليذهب لب العملية التعليمية إلى الجحيم، فالمعلمات كذلك لا يهمهن إلا درجة الأداء الوظيفي، حيث أصبحت المديرة هي المسؤولة عنها وليست المشرفة لذلك أصبحن لا يكترثن بتوجيهات المشرفات، بل صرن في سباق قاتل للحصول على رضا المديرة حتى لو اضطر الأمر إلى مسح مكتبها وحمل أدواتها الثقيلة وإيصالها للباب الخارجي.

عذرا.. هل قلنا في بداية مقالنا كلمة (تطوير)؟