لا يمكن لك أن تمتدح التطور التقني الذي وصلت إليه وزارتك بينما الناس يتزاحمون في ممراتها، إما لأن إيميلاتهم لا يرد عليها أحد، أو لأن اتصالاتهم لا ينتج عنها سوى الصدى!
تطور العمل الإداري يتم من خلال الاستطلاع وقياس رضا المتعاملين. تماما كما تفعل كبريات الشركات في العالم اليوم.
الطرق كثيرة، والتجارب أكثر، أميل نحو ثلاث طرق:
الأولى: الاستفتاء المباشر. تنزل إلى الناس وتسألهم بشكل مباشر: ما الذي يدفعكم إلى الحضور لمبنى الوزارة، ومكابدة كل هذا العناء والسفر؟ وتقف بنفسك على السبب الرئيس.
الثانية: أن تقوم بتطبيق قياس الأداء، وذلك عن طريق العميل السري أو المتسوق الخفي، وذكرت هذا قبل سنوات. هذه الطريقة من أنجح طرق الرقابة للعمل الإداري، وقد أثبتت نجاحها في أماكن مختلفة، واشتهر بها الوزير الراحل الدكتور غازي القصيبي، وأعادها إلى الذاكرة قبل سنوات الدكتور حمد المانع، وهي الزيارات الخفية. تدخل المنشأة دون أن يعلم عنك أحد!
الطريقة الثالثة، وهي وجه آخر لما قبلها، تستطيع القيام بها وأنت جالس على الكرسي دون أن تغادر مكتبك، سواء عن طريق إرسال إيميل، أو اتصال.
ألا تلاحظ عندما تتصل بشركة الاتصالات أو أحد البنوك المحلية أنك تسمع خلال رسالة الترحيب عبارة لطيفة تشعرك بأن هذه المكالمة سيتم تسجيلها، ضمانا لجودة الخدمة!، ويُطلب منك عند نهاية المكالمة تقييم مستوى الخدمة، وكل ما يتوجب عليك القيام به هو الضغط على الأرقام المقابلة للتقييم!
الذي يغيب عن كثيرين -وهو ما عرفته قبل أيام- أن هذه القطاعات الخاصة تقوم باستعراض التقييم بشكل مستمر ودقيق، اعتمادا على رأي العملاء، وتربط الحوافز والترقيات بهذا التقييم!
مثل هذه البرامج والطرق عبر آلياتها المختلفة، هي التي ترتقي بالعمل الإداري، وليست تصريحات صحفية، ومكاتب دعاية وإعلان، وملتقيات فارغة في فنادق الخمس نجوم، لا تقدم شيئا؛ سوى مزيد من السخرية!
مرة ثانية وثالثة وعاشرة: أليس من الظلم أن يقطع المواطن مسافات طويلة -ربما تقاس بمئات الكيلومترات- كي يستفسر عن مصير معاملة أو خطاب أو برقية، بينما لو وجد موظفا متجاوبا عبر الهاتف لما احتاج إلى ذلك؟!
ما الذي يمتلكه القطاع الخاص حتى يتطور، ولا تمتلكه القطاعات الحكومية؟!