أكد المحلل السياسي الأميركي، كون هالينان، أنه لا فرق في سياسة واشنطن المستقبلية، فيما يتعلق بشن الحروب في حال فوز هلاري كلينتون المرشح الرئاسي الديمقراطي للولايات المتحدة، أو غيرها من مرشحي الحزب الجمهوري، وقال في مقال بعنوان "التكاليف الباهظة لحروب هيلاري كلينتون"، نشره موقع "السياسة الخارجية تحت المجهر"، إن سياسة كلينتون أكثر تهذيبا من فجاجة الجمهوريين في الإعلان عن شن الحروب الخارجية، ولكن النتيجة واحدة في النهاية، الموت والخراب والدمار.
وأشار إلى أن كلينتون تتبني السلوك الإمبراطوري للولايات المتحدة في قيادة العالم، ولكن ليس علي الطراز القديم، الذي ينطلق من مقولة "دع الرمال تتوهج بالنيران"، وترى أنه يجب تغليف هذا الطراز وتمريره عبر مبررات إنسانية ناعمة، على العكس تماما من أسلوب الجمهوريين الفظ الذي لم يتغير. وقال إن العمى التاريخي عند الجمهوريين لم يتغير منذ عقود، فضلا عن فقر الخيال، بينما سارت كلينتون بشكل آلي ومرونة على خطى وزيرة الخارجية السابقة، مادلين أولبريت بأن "أميركا أمة لا غنى عنها، تتمثل مهمتها الأساسية في قيادة العالم".
ويستشهد هالينان بمذكرات كلينتون "خيارات صعبة" التي تغطي سنوات عملها كوزيرة للخارجية، والتي شهدت سلسلة من الكوارث السياسية في أفغانستان، والعراق، وليبيا، وسورية، وجورجيا، وأوكرانيا، فضلا عما أطلق عليه "محور آسيا"، الذي زاد حدة التوتر في العلاقة بين الولايات المتحدة والصين.
محور آسيا
وحسب هالينان، فإنه يرجع الفضل لكلينتون في صياغة مفهوم "محور آسيا" الذي تتباهى به إدارة أوباما، فقد أطلقت رسالة إلى آسيا والعالم بأن أميركا ستعود من جديد لدورها التقليدي في القيادة، دون أن تعبأ بموقف بكين، وبالتالي فإن إعلانها عن محور آسيا يعني أن الولايات المتحدة ستعزز وجودها العسكري في منطقة المحيط الهادي وبناء تحالفات عسكرية كبرى مناهضة للصين.
ويرى هالينان أنه في قلب مذكرات كلينتون تكمن أيديولوجيا "الاستثناء الأميركي" في العالم، وتبرير منطق التدخل في الشؤون الخارجية للدول الأخرى وتغيير الأنظمة ذات السيادة، مشيرا إلى أنها لا تنفرد بأي ميزة في السياسة الخارجية، لأن كلا الحزبين، الديمقراطي والجمهوري، يؤمنان بفكرة الاستثناء الأميركي، ولكن مع كلينتون يلمع في الأفق مبدأ لطيف جذاب هو "مسؤولية الحماية الدولية"، مع شيء إضافي هو أنها أكثر ميلا للعدوانية في السياسة الخارجية، فقد ضغطت على أوباما للتدخل العسكري في سورية، وكانت أكثر تشددا مع إيران، رغم موافقتها على الصفقة النووية، لكنها كانت تأمل في انتزاع مزايا أفضل لأميركا وللحلفاء.
تسليم وتسلم
لكن المتابع لما يجري داخل كواليس الحزب الديمقراطي، وآليات تسليم السلطة وتسلمها من أوباما إلى كلينتون، لا بد أن يلاحظ المهارة في استكمال الملفات المفتوحة والتحضير للملفات التي ستفتح ما بعد 2016، وعلى سبيل المثال فإن أوباما، الذي جعل الدبلوماسية هدفا في التعامل مع إيران وكوبا، فضلا عن سحب القوات الأميركية من أفغانستان والعراق، وعدم الانخراط في الحروب الخارجية، هو نفسه الذي يخطط اليوم للتصعيد العسكري الأميركي الهائل، كذلك عودة القوات الأميركية إلى العراق وأفغانستان، إضافة إلى ليبيا.
وحسب المحلل السياسي، آدم جونسون، في تقريره المعنون "خطط أوباما العسكرية" على موقع "ألترنت"، فإن رصد المقالات والتصريحات الرسمية لوزيري الخارجية والدفاع في وسائل الإعلام الأميركية في يناير الماضي فقط، يؤكد تزايد نغمة الحروب الخارجية، خاصة في صحيفة نيويورك تايمز، على لسان بعض كتاب الأعمدة، الذين بدؤوا يحتفون بالحروب القادمة.
ليبيا الكبرى
يؤكد جونسون أن تتابع الحروب الخارجية وتواترها هي سمة مشتركة في السياسة الأميركية، حيث تتجه البوصلة حاليا إلى ليبيا، مع تقلد هيلاري كلينتون زمام الأمور في البيت الأبيض، خلفا لأوباما، وكما كانت كبيرة المستشارين لحملات قصف الناتو، وإسقاط القذافي، ستقود كلينتون الحرب ضد داعش في ليبيا، حيث يجري الآن التصعيد لهذه الحرب، فضلا عن تهيئة النخبة الأميركية والرأي العام لانتزاع موافقة الكونجرس على شنها وزيادة ميزانية وزارة الدفاع، وهو تطور كبير في المفهوم الأميركي للحروب القادمة، التي قد تمتد بسهولة لدول أخرى في إفريقيا عبر حدودها المفتوحة، أضف إلى ذلك التخطيط لحروب أكثر عمقا في سورية والعراق، حيث تتوالى الدعوات وبشكل متزايد للعب دور عسكري بري أميركي، مع التدريب العملي على الأرض للقوات المحلية.