الإسلام والمسيحية واليهودية ديانات اعتدال ومصالحة وسلام. وبما أن هذه الصفات ضرورية لسعي الإنسان إلى السعادة والأمن، فإن هذه الديانات جميعها مرجع لحل الصراعات.
وللأسف، تمكَّن بعض المتطرفين من تحريف هذه الديانات والإساءة إليها، إذ لا يختارون سوى الآيات التي تدعم أجنداتهم الخاصة. لذا يتوجب على صانعي السلام المستقبليين أن يتذكروا أن دياناتهم تتشارك نفس القيم الأخلاقية، بما في ذلك مكافحة الشر، والتشجيع على فعل الأعمال الحسنة. إن الاعتدال هو فضيلة إنسانية أساسية يمكنها تعزيز الوئام الاجتماعي والتعايش السلمي.
ومن هذا المنطلق، فإن الاعتدال أمر أساسي للإسلام، وذلك وفق أساس واضح يُمكن العثور عليه في العديد من سور القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة. فالتحليل العقلاني للنصوص والمبادئ الدينية هو وحده الذي يسمح بالوصول إلى صيغة معتدلة وصادقة عن الإسلام. كما يحتاج المسلمون المعتدلون إلى أن يدركوا أن الجهاد هو أولا الصراع الروحي داخل أنفسهم ضد الشر والخطيئة، وليس قتال غير المؤمنين الذين لم يعتدوا عليهم.
وفي حين يمكن للمتطرفين اختيار السور والأحاديث النبوية لدعم تفسيرهم الضيق للإسلام، تنظر الدراسة الدينية الصحيحة في نية النص والتعاليم. إن التفسيرات الحرفية جداً لا تقدم المعنى الحقيقي للتفسير الصحيح. وبما أن الهدف النهائي للإسلام هو خير البشرية، فإنه يجب أن يُدرس بقلب إنساني، وليس بقلب من حجر.
كما يجب على المعتدلين الوقوف في وجه التطرف الذي يُرتكب باسم الإسلام. فلن يتم القضاء على التطرف من خلال حرب الكراهية، ولكن سيقضي المعتدلون عليه من خلال قهر الخوف وتعزيز المصالحة. إن معرفة المسلمين والمسيحيين واليهود بدين الآخر محدودة. فمن هنا، يمكن للحوار المدروس بين الأديان مكافحة الجهل وتسليط الضوء على الخير في كافة الجوانب. كما تؤدي الحكومات والمجتمع المدني ومراكز الأبحاث دوراً في مكافحة التطرف وكراهية الإسلام.
وفي حين احتكر العرب الإسلام وفرضوا مصطلحاتهم وتفسيرهم، فإن التطرف الذي يتم الترويج له من قبل البعض ليس ثقافياً. على سبيل المثال، فإن ممارسات مثل ختان الإناث، والعداء تجاه الأديان السماوية ليست ممارسات واردة في القرآن، ولا هي إسلامية تقليديا، ومع ذلك يمارسها المتطرفون في يومنا هذا. كما أن المسلمين المعتدلين لا يدافعون عن هذه الآراء المتخلِّفة ولا يمارسونها.