الباحة آسرة أخَّاذه، لست أنا من يقول هذا الوصف، قاله عدد كبير من أشقائنا العرب الذين جاؤوا من مختلف الأقطار العربية للمشاركة في ملتقى الباحة الأدبي الرابع الذي جاء هذا العام تحت عنوان: (تمثيلات الآخر في الرواية العربية)، ولعل من أجمل مميزات مثل هذا الملتقى أن الناس يلتقون ويتعارفون ويتآلفون ثم إنه فرصة سانحة للتعرف عن كثب على منطقة عزيزة من بلادنا قد يكون بعض مواطنينا لم يزرها بعد ولم يتعرف على جوانبها التي وصفها أشقاؤنا العرب بأنها آسرة أخَّاذه، وبعد أن التقوا أميرها الشاب الطموح مشاري بن سعود واستمع لهم واستمعوا له أضافوا للصفتين السابقتين أنها متوثبة طموحة، وهي كذلك فعلا، فالباحة أخاذة بجمال طبيعتها وتنوع مناخها وكرم أهلها، أما توثبها وطموحها فهي بكل مكوناتها الجغرافية والبيئية والاجتماعية وأخيرا الإدارية أشبه ماتكون بطائرة جاهزة للإقلاع والتحليق في سماء الاستثمار المربح والمريح، وعندما أقول المربح والمريح فإنني أقصد ذلك فعلا، فكل مقومات الاستثمار الناجح متوفرة في المنطقة، فهي أرض خصبة للسياحة والصناعة والتجارة، وأمير المنطقة سبق أن وعد ومازال يكرر أنه سيكون شخصيا معقبا لمعاملة أي مستثمر يرغب في الاستثمار في المنطقة، والتسهيلات تترى سواء من إمارة المنطقة أو أمانتها أو بقية القطاعات فضلا عن المميزات النوعية في القروض والدعم التي يقدمها صندون التنمية الصناعية أو غيره من الجهات التي ترعى وتدعم الاستثمار في المملكة، وتبعا لذلك فإن الذي يزور منطقة الباحة للمرة الأولى خاصة من أبناء الوطن الذين يعرفون عددا كبيرا من رجال المال والأعمال من أبناء الباحة المنتشرين في مختلف مناطق المملكة لا بد أن يندهش من غيابهم عن الاستثمار فيها ويتساءل عن سبب هذا الغياب؟ ولست هنا اليوم بصدد تقليب صفحات الماضي للبحث عن تلك الأسباب لكنني سأستشهد بمثل دارج يعرفه أبناء الباحة أينما كانوا وأقول (نحن أولاد اليوم)، واليوم – أي الوقت الحاضر – يستدعي أن يضع هؤلاء البارزون من أبناء المنطقة في دنيا المال والأعمال أيديهم في يد أمير منطقتهم الطموح لينهضوا بالمنطقة استثماريا، وهذه ليست دعوة إلى التبرع أو الخسائر فمع أن التضحية من هؤلاء الكبار مطلوبة لمسقط رؤوسهم ومهد طفولتهم، إلا أن الدعوة تتجه نحو الربح المشترك بين المنطقة والمستثمر الذي نعرف أنه لا بد أن يتأكد من خصوبة التربة التي سيزرع فيها استثماره، ولست هنا داعيا إلى إقليمية ضيقة، فالباحة تفتح ذراعيها لكل أبناء الوطن الراغبين بل وحتى المستثمرين من الأشقاء والأصدقاء، ولكني أخص كبار رجال المال والأعمال من أبناء المنطقة لأنهم يعرفونها ولأنهم قادرون على أن يكونوا قدوة لغيرهم، ولأنهم يعلمون قبل غيرهم ما تحتاجه منطقتهم، ويدركون أنها ليست صالحة للاستثمار السياحي صيفا وشتاء فقط، بل مهيأة لكل أوجه الاستثمار الصناعي والتجاري، وجامعتها الفتية تضم اليوم أكثر من ثلاثين ألف طالب وطالبة، وأهلها المقيمون فيها يضطرون للسفر إلى المناطق المجاورة للحصول على بعض الاحتياجات والخدمات الاستهلاكية أو الصناعية التي لو توافرت في المنطقة لربح مقدمها ومستهلكها، وفوق هذا كله هناك بيت شعر شهير يقول: وللأوطان في دم كل حر يد سلفت ودين مستحق. ولاشك أن أبناء المنطقة القادرين المؤهلين وهم كثر في مختلف مناطق المملكة متى ما استشعروا معاني الوطنية الرابحة سنجدهم مبادرين ولن ينتظروا دعوة الأمير.