تركز الكثير من وسائل الإعلام حول العالم على بعض أسباب انخفاض أسعار النفط متجاهلة أهم الأسباب الأخرى، فالبعض يرمي أسباب زيادة معروض النفط في الأسواق العالمية على النفط الصخري، والآخر ينظر بعين واحدة على أزمة السوق الصيني، متجاهلين عنصرا من أهم العناصر في أسواق النفط ألا وهو قوة الدولار وانهيار بعض العملات الأخرى أمامه منذ ولادة النفط وبدء تداوله في الأسواق العالمية، وهو ما زال مقترنا بالدولار، انخفاض العملات العالمية مقابل الدولار يؤدي إلى زيادة تكلفة شراء النفط على الشركات العالمية غير المتعاملة بالدولار.

ففي الأسواق الآسيوية انهار الين الياباني العملة الرسمية لثالث أكبر اقتصاد في العالم مقابل الدولار الأميركي قرابة 50 % في ثلاث السنوات الأخيرة، وانهارت عملة اليورو قرابة 25 % والجنيه الإسترليني 20 % في السنتين الأخيرتين.

ما الذي يسببه انخفاض عملة أي دولة مقابل الدولار في مجال النفط؟

انخفاض عملة أي دولة حول العالم مقابل الدولار يؤدي إلى زيادة تكلفة شراء النفط حتى وإن بقي النفط على سعر ثابت بالدولار.

ففي اليابان على سبيل المثال إن كان سعر برميل النفط عام 2012 بـ 100 دولار أميركي، فاليوم إن كان سعر البرميل ثابتا على الـ100 دولار كما كان في 2012 فهو يساوي بالعملة اليابانية 150 دولارا بسبب انهيار العملة اليابانية، وقس على ذلك بقية الدول حول العالم التي لم تعد تستطيع شركاتها شراء النفط بسبب انهيار عملة بلادها مقابل الدولار مثل تركيا والبرازيل في الدول الناشئة وغيرها من الدول، فأدى ذلك إلى زيادة معروض النفط وانهيار أسعاره في السوق الدولية، فما زالت قوة الدولار وانهيار العملات أمامه تعد سببا قويا ومؤثرا في تسعير برميل النفط في الأسواق العالمية.

سيكون عام 2016 عاما صعبا لأسواق النفط فزيادة الفائدة على الدولار الأميركي تسحب البساط من تحت بعض الأسواق الأخرى والناشئة خاصة، ومن المتوقع أن يستمر الفيدرالي الأميركي في زيادة الفائدة على الدولار خلال العام الجاري، وهو ما سيزيد السلبية على العملات الأجنبية الأخرى، ومن المتوقع أن تبدأ أسواق النفط بالتعافي في منتصف العام الجاري وأن تبدأ بالخروج من فترة الركود الحاصل حاليا في بداية العام القادم، وهناك ما هو أهم لأسواق النفط وهو خروج أخبار هذه الأيام حول أن هناك محادثات داخل مجموعة أوبك وخارجها للوصول إلى اتفاق لخفض الإنتاج، وهذا سيساعد في استقرار أسواق النفط وعودة أسعارها إلى المناطق العادلة.