إننا نعلم أن مصادر الطاقة الآن غير قادرة على المساعدة في بناء المستقبل الذي نريده، ويتجلى هذا بوضوح في الدول الفقيرة، إذ يحلم مليارات البشر بالحصول على معيشة مشابهة لمعيشة الأميركيين، وأسهل طريقة لتحقيق هذا الحلم تكون في إحراق مزيد من الفحم.
وإذا كنا جادين في استبدال الوقود الأحفوري، فسنحتاج إلى الطاقة الذرية، ولكنه خيار صعب: إما أن نستطيع ببساطة الاستمرار في الحديث عن عالم خال من الكربون، وإما أن نقوم ببناء عالم خال من الكربون.
قامت الصين خلال العقد الماضي بزيادة الطاقة الاستيعابية لإحراق الفحم أكثر مما قامت به الولايات المتحدة في تاريخها، مع أن المواطنين العاديين من الصينيين والهنود يستخدمون أقل من 30% من الكهرباء التي يستهلكها الأميركيون، لكنهم يستنشقون هواء ملوثا أكثر من الأميركيين. إنهم يستحقون خيارا ثالثا غير الجوع المتفشي والهواء الملوث.
الغريب في المحاولات الفاشلة لتنمية الطاقة المتجددة، هو أننا كنا نملك خطة عملية في بداية الستينات تهدف إلى التخلص تماما من انبعاثات الكربون دون الحاجة إلى الرياح أو الطاقة الشمسية، هذه الخطة تتمثل في الطاقة النووية.
لكن بعد عدة سنوات من المعاناة، بسبب الصعوبات المالية والتقنية، فقد ألغيت خطط بناء مئات من المفاعلات النووية.
فلو حدث فعلا وواصلنا بناء تلك المفاعلات لكانت شبكات الطاقة لدينا خالية من الانبعاثات الكربونية.
ظهرت حديثا مخاوف من آثار مُناخية ناتجة عن الطاقة النووية، وبينما تبدو آثار الأدخنة الناتجة عن حرق الفحم أعظم بكثير من آثار الإشعاعات، فمن المتوقع أن يكون الاحتباس الحراري أسوأ بكثير من كونه مجرد تلوث بسيط. المشكلة كبيرة إلى درجة أن أبرز مختصي البيئة أعلنوا هزيمتهم.
قام جيل جديد من علماء الطاقة النووية الأميركيين بتصميم مفاعلات جديدة أفضل من سابقاتها. وستزيح هذه التصاميم الجديدة أكبر عقبات نجاح الطاقة النووية وهي التكلفة العالية.
التصاميم الجديدة التي تستخدم الملح المُذاب والوقود البديل والمفاعلات ذوات الوحدات المصغرة جذبت الاهتمام ليس من الأكاديميين فحسب، بل حتى رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال المهتمين والمستعدين للاستثمار في الطاقة النووية.
رغم ذلك، لن تستطيع هذه التصاميم الجديدة إفادة العالم دون موافقة الجهات الرقابية، كما أن القوانين الحالية المُصممة للمُفاعلات التقليدية، تجعل تسويق تلك التصاميم شبه مستحيلة. لكن لقد تمكنا، لحسن الحظ، من حل هذه المشكلة من قبل.
ففي 1949، أنشأت الحكومة الفيدرالية منشأة للتجارب في معمل "إيداهو" الوطني لدراسة وتقييم تصاميم جديدة للمفاعلات نووية. إننا نشيد بحكمة هؤلاء العلماء الجدد، ونحتاج إلى انفتاحهم على الابتكار وتقبلهم له من جديد.
قدم مجلس النواب الأميركي في بداية العام مشروع قانون لإعادة دمج المعامل الوطنية، واستضاف البيت الأبيض قمة لدعم الطاقة النووية. وعلى الرغم من تلك الاجتماعات والمناقشات، إلا أننا ما زلنا نعاني من عدم وجود خطة للدعم المالي، وخارطة طريق لتلك المفاعلات الجديدة التي نحتاج إليها بشدة الآن.