انتهى العرس الديموقراطي السعودي في انتخابات المجلس البلدي، وأسدل ستاره. ثلاثة أسابيع تقريبا من الأحداث الساخنة والحملات الانتخابية الصاخبة تنافس فيها 979 مرشحة مقابل 5938 مرشحا، والمتنافسون جميعا على 2106 مقاعد منتخبة. بلغ عدد الناخبات: 124,544 في حين أن عدد الناخبين 1,486,477.

اللافت في هذه الانتخابات فوز 20 زهرة سعودية على الأقل في أول عملية اقتراع يتاح للنساء المشاركة فيها ترشيحا واقتراعا.

السؤال: ما دلالات فوز المرأة السعودية؟ هل المجتمع السعودي تغير بالفعل؟ ما هذه السرعة في التغيير؟ تعالوا معي لدراسة بحثية أنجزها مركز "أسبار" عن "تقويم لتجربة الانتخابات البلدية" في 2011 عن مشاركة المرأة في التصويت وعضوية المجالس البلدية، إذ تناول البحث مدى تأييد السعوديين لمشاركتها في العملية الانتخابية، ومدى تقبلهم ترشحها لعضوية المجالس البلدية، إضافة إلى التطرق للأسباب التي تحول دون قبولهم بذلك.

وتبين النتائج أن 72.5 % من المبحوثين لا يؤيدون عضوية المرأة في المجالس البلدية، أما الذين يؤيدون فكانت نسبتهم 11.3 %، وترتفع إلى 13.7 % عند من سجلوا ولم يصوتوا. أما المؤيدون إلى حد ما فقد كانت نسبتهم 8.7 %.

ومن أهم أسباب عدم تأييد عضوية المرأة في المجالس البلدية هي: 69.5 % قالوا لما في ذلك من مخالفات شرعية، و63.9 % قالوا إن المرأة لا علاقة لها بعمل المجالس البلدية، أما 63.8 % فقالوا إن في ذلك انتهاكا للأعراف والتقاليد. 54.2 % قالوا بتعطيل لمهام المرأة الأساسية في المنزل وتربية الأطفال، و53.3 % قالوا إن المرأة أقل قوة وتأثيرا من الرجل في هذه المهمة.

ما الذي حصل في هذه السنوات الأربع؟ كيف استطاعت أكثر من 5 سيدات الفوز في المقاعد، وهن ينتمين إلى مناطق سعودية كان يعتقد أنها أشد محافظة؟ هذه التحولات تسترعي منا قراءة الحدث قراءة متأنية، وهنا أتمنى من مراكز الدراسات كمركز "أسبار" مثلا أن يشرع في عمل دراسات وتقارير بحثية جادة لهذه التحولات في المجتمع السعودي.

في نظري أن نجاح المرأة السعودية اليوم هو عمل تراكمي يرتبط بعدة أمور:

1 - مطالباتها المستمرة بحقوقها العادلة على قدم المساواة مع الرجل، فهي ما زالت تطالب بإلغاء كل أشكال التمييز وأهمها، نظام الولاية المطلقة الممارس على المرأة السعودية لاشتراط حصولها على التعليم والعمل والتنقل والتقاضي والعلاج وجوازات السفر وإجراء العقود الخاصة والحكومية. 

2 - المرأة السعودية لفتت أنظار المراقبين الدوليين، بعد تمثيلها دورا رائدا في عدد من الميادين العلمية والبحثية؛ وحصولها على جوائز وبراءات اختراع دولية. وقد كشفت وزارة التعليم أن طالبات التعليم العالي بلغن عام 2013 نحو "60 %" من عدد الملتحقين بالتعليم العالي في شتى التخصصات، وبلغ عدد الطالبات المبتعثات للدراسة خارج المملكة عام 2012، "27500" طالبة.

ختاما، في هذا اليوم التاريخي للمرأة السعودية، يطيب لي أن أوجه رسائل شكر إلى كل ناشطة سعودية قاومت وناضلت في مواجهة ظلمات ثلاث بعضها فوق بعض: سطوة التقاليد الاجتماعية، عنف التزمت الديني، استبداد الموروثات العصبية. وقد نجحت المرأة السعودية في كفاحها، وتغلبت على كثير من العقبات والصعاب، وها هي اليوم تقطف ثمارها.