وضعت انتخابات المجالس البلدية أوزارها، وانتهت العملية الانتخابية بوضع أشخاص تم اختيار "غالبيتهم" وفق اعتبارات لم تختلف عن الدورتين السابقتين، كالقبلية والمناطقية والمذهبية والحزبية، بغض النظر عن كفاءة وقدرة المرشح على ملء المكان.
كان المفترض، ونحن على مشارف الدورة الثالثة للمجالس البلدية، أن نستوعب دروس الدورتين الماضيتين فنتجاوز مرحلة اختيار المرشح بناء على تلك الاعتبارات، ونأت بمن لديه القدرة على صنع الفارق في نشاط المجلس البلدي. لكن الذي حدث هو نسخة مكررة مما سبق!
هل نتوقع ممن جاء ببركات القبيلة والمناطقية والمذهب والتوجه الفكري، أن يكون صاحب مشروع متكامل يقدم خلاله رؤى وأفكارا غير تقليدية تنهض بالمدينة التي انتخب عضواً في مجلسها البلدي، فيكون خير ممثل لأهلها في مناقشة الخدمات البلدية من سفلتة ورصف وإنارة وتشجير، وينوب عنهم فيما يتعلق بالنظافة والصيانة والصحة العامة؟!
هل هو جدير بتقييم ومراقبة أعمال البلديات والأمانات، وإقرار الخطط والبرامج والميزانيات والحسابات الختامية، كما في المادتين الخامسة والسادسة من نظام المجالس البلدية؟ وهل لديه إلمام بدراسة مشروعات المخططات الهيكلية والتنظيمية والسكنية، ووضع تشريعات نزع الملكية للمنفعة العامة، وإبداء الرأي في نُظم استخدام الأراضي والخدمات البلدية، وشروط وضوابط البناء، وآليات الرسوم والغرامات؟!
نتذمر من إنجازات المجالس البلدية في الدورتين السابقتين، وفي الوقت نفسه نتغاضى عن حقيقة أننا مسؤولون عن إيصال من نتهمهم بالتقصير والانتفاع إلى عضوية المجلس البلدي، أليست أصواتنا هي من جاءت بهم؟!
ما حدث في انتخابات المجالس البلدية في دوراتها الثلاث يدعو إلى إعادة التفكير في مطالب التوسع بالعملية الانتخابية لتشمل مجلس الشورى أيضا.
في هذه المرحلة -ومع تحكيم المنطق وبعيدا عن العاطفة- لا أتمنى ذلك بعد "هاتريك" المجالس البلدية، لأني لا أريد أن يخرج علينا مجلس "أعيان" بالطريقة نفسها التي انتخب فيها أعضاء "البلدي"!
لطالما نادينا بالمشاركة الشعبية فيما يتعلق بشؤوننا العامة كمواطنين، لكن عندما حضرت تلك المشاركة أسأنا استخدامها، واعذروني إن قلت:
إننا نشوه تجاربنا الحضارية رغم محدوديتها، إن لم تصدقوا فليسأل كل واحد منكم نفسه: هل انتخبت من يستحق؟!