بعد اجتماعات استمرت أربعة أيام، انتهت بموافقة الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية، على المشاركة في مؤتمر جنيف المتعلق بالأزمة السورية، وفي ظل ضمانات بتطبيق القرار الدولي المطالب بوقف القصف ورفع الحصار عن عدة مناطق، وإدخال المساعدات الإنسانية، قبل الشروع في أي عملية تفاوضية مع ممثلين عن نظام الأسد، وصل أمس وفد الهيئة إلى جنيف للمشاركة في المحادثات التي تنظمها الأمم المتحدة، ويشارك فيها وفود من 17 دولة.

وأعلن المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات، منذر ماخوس، أن الوفد يضم حوالى 17 عضوا، وأن نحو 20 ممثلا آخرين عن الهيئة العليا للمفاوضات سيكونون موجودين أيضا، مضيفا أن منسق الهيئة رياض حجاب سينضم إلى الوفد في وقت لاحق. وأضاف أن المحادثات مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسورية، ستيفان دي ميستورا ستبدأ "ربما اليوم"، وفقا لتعبيره.



اختبار جدية النظام

وكانت الهيئة العليا للمفاوضات التي تشكلت في ديسمبر الماضي بالرياض، وتضم معارضين سياسيين وممثلين عن فصائل مسلحة، أعلنت الخميس الماضي، أنها لن تشارك في مفاوضات سويسرا قبل تطبيق مطالبها الإنسانية، لكن رئيس وفد الهيئة أسعد الزعبي أوضح في وقت سابق، أنهم تلقوا ضمانات بتنفيذ مطالبهم، ومن ثم قررت المشاركة في المفاوضات.  وبحسب بيان الهيئة فإنهم حصلوا على تأكيدات من وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بدعم تنفيذ الانتقال السياسي عبر تشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات، وفقاً لبيان جنيف1.

وأضافت الهيئة أن الذهاب إلى جنيف يأتي لاختبار جدية نظام الأسد، لافتا إلى أن المفاوضات ستكون بطريقة غير مباشرة، وأنها تلقت دعما من عدد من وزراء خارجية الدول الشقيقة والصديقة.

وفي قت لاحق، هدد وفد الهيئة بالانسحاب من المفاوضات إذا استمر النظام في ارتكاب الجرائم.يذكر أن الأمم المتحدة والأطراف الداعمة للحل السياسي في سورية رفضوا تأجيل محادثات جنيف، وحسب المعلومات الأولية فإن الجولة الأولى من المحادثات ستنتهي قبل يوم الحادي عشر من فبراير المقبل، حيث ستعقد قمة في جنيف لتقويم سير المحادثات.


اختبار النوايا

قال المتحدث باسم هيئة المفاوضات، رياض آغا، إن الوفد ذهب إلى جنيف أمس ليحدد إن كان سينضم إلى ممثلي النظام  في محادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة، وأضاف "ذاهبون إلى جنيف لاختبار جدية المجتمع الدولي في وعوده للشعب السوري، وجدية النظام في تنفيذه للمستحقات الإنسانية"، مؤكدا أن الهيئة تريد أن تظهر أمام العالم جديتها نحو المفاوضات لإيجاد حل سياسي.

ومن جانبه، شدد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، على ضرورة أن تضمن محادثات جنيف، التأكيد على احترام القانون الإنساني والسعي بهمة وراء تحقيق هدف حدوث انتقال سياسي كي تنجح المحادثات.

ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي، جينادي جاتيلوف، قوله إنه ليس من المتوقع إجراء محادثات مباشرة في جنيف، مشيرا إلى أن الأمر سيقتصر على محادثات غير مباشرة. وقال وزير خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير في تصريحات إعلامية ، إن المفاوضات ستكون اختبارا للنوايا، لاسيما من قبل النظام.


مهمة صعبة

فيما أعطى وزير الخارجية الأميركي جون كيري ، تأكيدات عبر الهاتف لقيادة الهيئة العليا للتفاوض قائلا إن واشنطن تدعم فترة انتقال سياسي مدعومة من الأمم المتحدة لا وجود فيها للأسد، إلا أن كثيرا من المراقبين يرون أن هذه المسألة ستظل مثار خلاف ين الأطراف المتحاربة، خاصة أن إيران وروسيا يدعمان النظام ويحرصان على بقائه في السلطة.

وقال لبيب النحاس وهو شخصية بارزة في حركة أحرار الشام الممثلة في الهيئة العليا للتفاوض في حسابه على تويتر "الحفاظ على المبادئ، بعد دخول عملية سياسية قواعد لعبتها ضدنا سيتحول إلى مهمة مستحيلة مع غياب الضمانات وقلة الوسطاء الشرفاء".

 ورأى  المحلل في معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية في باريس، كريم البيطار، أن هناك أسبابا كثيرة تدعو للتشاؤم، ولا يوجد سيناريو واقعي يمكن من خلاله التوصل إلى اختراق".





إمكانية وقف المعارك

وحول إمكانية وقف المعارك، لاسيما القصف الروسي لمواقع المعارضة، قال الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية إميل حكيم، إن ما نشهده حاليا من متغيرات على الأرض لا يشكل عاملا مساعدا للمفاوضات، مقارنة مع "جنيف2" ، مضيفا "رغم الطاقة المحيطة بالمفاوضات والنوايا الإيجابية، إلا أن الشروط غير متوفرة للنجاح.

وأشارت الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط المقيمة في فرنسا انياس لوفالوا إلى أن الإطار العام حاليا أصبح أقل مواءمة للمعارضة مقارنة مع النظام، مشيرة إلى أن المعارضة مستاءة جدا لتقلص قدرتها على المناورة، مقارنة بأوقات سابقة.

وأكد الباحث في مركز كارنيجي لدراسات الشرق الأوسط، يزيد الصايغ، أن نظام الأسد وروسيا سيعملان على إبطاء المفاوضات حتى لا يكون الاتجاه العام معاكسا لهما في المستقبل، وقال إن ما زاد الموقف صعوبة هو تخلي القوى الغربية عن إصرارها السابق على وجوب تنحي الأسد عن السلطة، خشية من حدوث فراغ في السلطة قد يستفيد منه تنظيم داعش ويدفع مزيدا من اللاجئين إلى أوروبا.