اطلعت في بعض الصحف على أخبار إجراءات ترشيد المصاريف التي ينتظر تطبيقها على عضو مجلس الشورى، ومن بينها الاكتفاء بصحيفة واحدة يومياً، وخفض بدل المكالمات الهاتفية من 1000 ريال إلى 400 ريال شهرياً خلال مدة عضويته، كما أكدت المعلومات المتداولة أنه سيتم تخفيض بدل الدوام والانتدابات لموظفي المجلس إلى ستة أشهر بدلا من عام.
وتفاجأت وأنا أقرأ الخبر الذي شمل الأعضاء فقط أن القرار استثنى إدارات وأقساما في المجلس، على الرغم من أن الصحف اليومية والاتصالات الهاتفية حقوق بسيطة كفلها النظام، ويتمتع بها حتى أصغر موظف في المجلس وجميع موظفي المرتبة الخامسة عشرة ومعظم موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين.
وخلال فترة عضويتي في المجلس خلال الدورة الخامسة، سبق أن كنت في مقدمة من طالب بتفعيل مثل هذه الحقوق وغيرها من تذاكر سفر وما شابه ذلك، وبالفعل تم إقرارها رغم ممانعة البعض ولأسباب مجهولة ودون تبرير منطقي!
وكل ذلك حدث في الدورة الخامسة، وهذا يعني أن أعضاء أربع دورات كانوا غائبين عنها لأسباب مازالت مجهولة، ومع ذلك لم يهتم كثير من أعضاء تلك الدورات أو حتى بعضهم بمتابعة ما كفله النظام لهم لسبب أو لآخر، وكما هو معلوم فإن العضو هو دعامة المجلس وأساسه، وتم تخصيص ميزانيته من الجهات العليا، وحسب نظام المجلس يتم دعمها عند الحاجة ولا تخضع للرقابة المالية من أي جهة.
وأنا هنا لا أخفي سراً إذا قلت إن هناك بنودا يتم الصرف منها وبشكل لافت، ومن ذلك مصاريف الرحلات الخارجية ووفود المجلس إلى البرلمانات الدولية، ومما يثير الاستغراب أن هناك مرافقين من المجلس هم من يتولون الصرف نيابة عن رؤساء وأعضاء الوفود الذين يملكون ويستشعرون المسؤولية الوطنية.
أما الأمر الطريف فعلاً فهو التنظيم الجديد الذي اتخذته هيئة الطيران المدني بناء على توصيات اللجنة المتعلقة بالمكاتب التنفيذية، إذ إن الفئات التي تستفيد من خدماتها (والتي لا تتجاوز خدمة ممر إلى الطائرة جسراً كان أو سيارة أو حتى حافلات من رجيع الهيئة)، فهؤلاء يحق لهم ولعوائلهم الاستفادة من المكاتب التنفيذية وتمتد الاستفادة إلى الورثة!
وفي إجراء غريب وعجيب بل ومستفز فقد تم استثناء أعضاء إحدى سلطات الدولة الثلاث، وهم أعضاء مجلس الشورى "عاملون وسابقون"، وتم حصر استفادة العضو خلال وجوده في المجلس فقط، رغم أن عدد الأعضاء السابقين لا يتجاوز الـ400، ونحو نصفهم سبقنا إلى رحمة الله، والآخرون بين مريض أو عازف عن السفر أو زاهد في دخول هذه المكاتب حتى لا يصطدم بالخدمة المتاحة له، والتي يختلف واقعها عن وصفها؟ وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن عضو مجلس الشورى لا يحتفى به، وذلك للأسف يمتد إلى كثير من المناسبات والحفلات، إذ لاحظت أن منظميها يتجاهلون خدمة الأعضاء بما يليق بهم، وكل ذلك إما بسبب أداء المجلس والذي ربما لا يتفق وما يتطلع إليه المواطنون، خاصة أن الكثير يعتقدون أن عضو المجلس يملك كثيرا من الصلاحيات، وإما بسبب ملاحظات المجلس على أداء الأجهزة الحكومية وشبه الحكومية.
وللأمانة أقول إن المجلس ومن خلال جميع دوراته كانت له ومازالت جهود تذكر فتشكر، ولا ينكرها إلا مكابر أو كاره، مع اتفاقي مع من يرى أن بعض الأعضاء "صامتون"، ولا يتفاعلون مع الموضوعات المهمة كما ينبغي، وقد يكون لإعلام المجلس دور في تغييب دور المجلس بشكل عام والأعضاء بشكل خاص، وغياب كثير من المعلومات المهمة.
وأتذكر أن بعض الزملاء الأعضاء في الدورة الخامسة وأنا منهم، اقترحنا أن يتولى "المساعد" التحدث باسم المجلس لإيضاح جهود المجلس للرأي العام، كما لم نزل نتطلع إلى تحديث وتطوير نظام المجلس بما يواكب مستجدات الحاضر، ولا ننسى أن عضو المجلس أدى القسم ومكلف من ولي الأمر، ويؤدي واجبه الوطني، وهو ما يتطلب عدم الإساءة إليه دون ذنب، وبعودة بسيطة إلى ما يحصل عليه عضو المجلس من مزايا مالية وغيرها فيجب أن نعلم أنها تقل كثيرا عما يتقاضاه "خبير أجنبي" استدعته وزارة أو هيئة أو شركة في قطاع خاص من أجل تطوير نظام أو تقديم وجهة نظر.. وكان الله في عون عضو المجلس الذي لا يخلو من الحسد.