بون شاسع بين النقد والجلد.. نقد الذات ظاهرة صحية، لكن جلدها أمر مؤذٍ؛ يجب أن نتوقف عنه.

لسنا استثناء في العالم اليوم.. نحن شعب كغيرنا من الشعوب.. لدينا أخطاء وعيوب.. لا يزعجنا ذلك.. بل على العكس يشعرنا أننا بشر بالفعل! المزعج هو البحث عن الحالات النادرة، أو اللقطات الغريبة، وتضخيمها، وتقديمها للرأي العام كظاهرة عامة!

لدينا فئام لا هم لهم سوى تصيد العثرات.. وكأن هدفهم في هذه الحياة تصيّد عثرات الآخرين الطارئة، وزلاتهم النادرة..

انتشر قبل أيام مقطع لشخص يلزم ضيفه بغسل يده بعود ملكي فاخر بدلا من الصابون.. لم أتوقف عند المقطع لأسباب عدة.. أولا تاريخ المقطع غير معروف.. مكانه غير معروف.. الأشخاص الموجودون في المقطع لم تظهر أسماؤهم.. ناهيك عن أن السبب الذي دفع الرجل لإلزام ضيفه باستخدام العود غير معروف!

نحن لا نعرف السبب الذي دفع الرجل لهذا العمل.. قد يكون -وأنا هنا أحملها على المحمل الحسن- التزما بنذر، والنذر لا يأتي بخير، وكان عليه الوفاء بالنذر!

ثم لماذا نتوقف عند لقطة شاردة.. ونصورها على أنها ظاهرة، ونشغل الرأي العام بها، وتتناقلها هواتف وقنوات الناس وراء الحدود.. هناك ما هو أشد وأنكى من هذا العمل إن أردنا تصيد الأخطاء.. دونكم "رش المال" تحت أقدام الراقصات الذي يقوم به كثير من الخليجيين في مراقص الشام ومصر والمغرب وبيروت وعمان! ذلك العمل هو الذي تجب محاربته وانتقاده؛ ومع ذلك كنا نقول تلك الحالات لا تمثل سوى أصحابها.. لا يمثلوننا.. وإن كانوا منا.. لا يعكسون صورتنا الحقيقية وإن كانوا جزءا منها.. لا يمثلون ثقافتنا وإن كانوا نتاجها.. أما نحن بالمجمل العام، فنحن أحلى.. نحن أجمل..!

دعونا من جلد الذات أرجوكم.. نحن أفضل بكثير مما يتصور ويُصوّر البعض.. ولا تسهموا دون تبصّر، ودون تثبّت في تضخيم حالة فردية لا نعلم أسبابها أو ظروفها. تذكروا القاعدة التي تقول: "الحكم على الشيء فرع عن تصوره".