تحول فن أدبي كالخيال العلمي إلى مجرد ملحق في صناعة السينما معزولا بشكل تام عن مظلته الأم فتحولت الكتابة فيه وله وعنه في أيامنا كحالة ترف أو فراغ زائد عن الحد أو فكرة فيها من الجنون أكثر ما فيها من الفن. كان القرن العشرون ازدهار فنون الخيال العلمي التي عوضت عجز الإنسان ومحدودية قدراته ورغبته الكبيرة في تجاوز محيطه البيئي والإنساني والسفر بعيدا عبر الخيال، هبط نيل آرمسترونغ على سطح القمر 1969 ففجر كل أحلام البشر ودفع بسقف خيالاتهم لمداه القصي وجاء هذا الانهيال الكبير لأعمال سينمائية جلبت الناس لصالات العروض وانتعشت السينما بعد أن كادت تموت،  لكن اليوم لا يبدو أن أحدا يأبه بالأمر، يذوي هذا الفن الطفولي وينسحب كتبته إلى الزوايا المنسية فلا أحد متحمس لمزيد من الخيال، والشباب مأخوذون رواية بروح المباشرة والتعبيرات المستقيمة والشهرة. تخلت الثقافة العربية عن أحد منجزاتها الأثيرة التي ألهبت خيال أطفال العالم عبر قرون وأسهمت في جذب مئات من الكتاب إلى حقول الكتابة الفاتنة، مدفوعين بما قرئ لهم وهم أطفال من مغامرات وحكايات لا تنتهي. اليوم يفقد الأدب والثقافة العربية عاملا مهما أسهم في شيوعها وترجمة منجزاتها والتعريف بها، يضمحل ويذوي دون أن يحاول أحد إنقاذه أو على الأقل الإشارة للأمر، مرتحلا إلى متحف الفنون أو مقتنيات الوقت المهملة.