استنسخ صورة مشوهة عن صورة "هتلر"، وعشق الظهور على حساب بلاده، وظن أنه السياسي الفطن، وهو أقرب إلى الجاهل الذي يجهل أبجديات السياسة.. هذا هو "دونالد ترامب" المرشح الرئاسي للانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة.
لا أفهم كيف تمكن هذا الكائن من التلفظ بكلمات تنم عن باطنه، وتدل صراحة عن ضحالة تفكيره السياسي والدبلوماسي، وضعف توجهه الفكري، الأمر الذي لا يؤهله ليكون رئيسا لإدارة أبسط مؤسسة فرعية في منطقة نائية تكاد تكون خالية من السكان، فكيف بدولة كبرى كالولايات المتحدة الأميركية التي يتفق على أهميتها كافة الأطراف الموافقة لها والمخالفة لسياساتها. ولأن هذا الرجل مصاب بداء العظمة وهو أسوأ من "هتلر" بمراحل فلا أعتقد أن عاقلا أميركيا سيفكر بترشيحه لكثير من الأسباب. منها:
أولا: من دون شك سيتسبب ترؤسه للحكومة الأميركية في تقليص العلاقات مع معظم الدول الإسلامية، هذا إن لم تتجمد فيما لو أصر على أيديولوجيته العمياء.
ثانيا: جفاف الواردات المالية التي تصل إلى أميركا من العالم سواء كانت من دول إسلامية أو من دول تربطها مصالح مع الدول الإسلامية والعربية، إذ أجزم بأن كثيرا من الدول الكبرى ستعمد إلى تخفيف علاقاتها التجارية مع أميركا تقديرا لأكثر من مليار مسلم واحتراما لمواطنيهم ممن يرفضون سياسة هذا المتفيهق، وطمعا في استقطاب الموقع السياسي والعسكري والمالي لأميركا.
ثالثا: أميركا قد تجد نفسها منعزلة عالميا ليس من الناحية الجغرافية فقط، بل من الناحية السياسية والاقتصادية والإنسانية أيضا.
رابعا: ربما -والله أعلم- أنه إذا أصبح "دونالد ترامب" رئيسا لأميركا فإن الإرهاب سيعود إليها. إذ سيجد البيئة الخصبة لينمو وينتشر في خضم القمع المتوقع من "ترامب" حتى على مواطني المسلمين حاملي الجنسية الأميركية، أو المتعاطفين معهم، وهنا لن يتوانى تاعس أو فاحش -حسب تسمية الأمير "تركي الفيصل"- عن انتهاز الوضع المشحون لينتشر في أرجاء أميركا كالوباء الذي يستعصي على أبرع الأطباء.
خامسا: هذا المخلوق لم يتطاول على أكثر من مليار مسلم فقط؛ بل سخر من المعوقين ومن النساء وبشكل قذر للغاية! إلى حد أن ساسة أميركا -بل حتى الصهاينة وغيرهم- استهجنوا تصرفاته، مما دفع أكثر من (35) ألف بريطاني إلى توقيع التماس لمنع "دونالد ترامب" المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأميركية من دخول بريطانيا بعد دعوته لمنع دخول المسلمين إلى أميركا. كما أن بعض التجار في الإمارات العربية المتحدة أعلنوا إلغاء تعاملاتهم مع "ترامب "، وبعضهم هاجمه علنا بعد أن مدحه قبل أن يظهر مرارا وتكرارا تجرده من العقل والمنطق، ناهيك عن تجرده من كل حس إنساني.
سادسا: أعتقد أن الخطوة التي بإمكان بلادي "المملكة العربية السعودية" القيام بها هي تدريب دعاة متمكنين من العلم الشرعي يجيدون التحدث باللغات الأخرى أو على الأقل اللغة الإنجليزية، أو إعداد مترجمين للغات الأخرى كالإنجليزية والفرنسية ليرافقوا الدعاة في جولات عالمية منظمة مع الدول المضيفة، يلقون فيها محاضرات في أهم الجامعات العالمية والمنتديات الثقافية في العالم على أن يجيبوا عن أسئلة الحضور، وليت هذا الحراك التوعوي العالمي يكون بدعم رابطة العالم الإسلامي.
أهمية هذه الخطوة تنبع من وجود شباب من مسلمين من العرب ومن غيرهم أوهمهم مروجو الإرهاب أن الجهاد يتحقق من خلال قتل المخالف لمجرد أنه مخالف! هؤلاء الشباب لم يجدوا من يفهمهم أن الله لم يأمرنا بقتل المخالف الآمن بل ضمن له حقوقه، وأباح لنا تناول طعام اليهود والنصارى وشرابهم وزواج رجالنا من نسائهم، ولم يسمعوا أن ديننا الحنيف أمرنا بحماية المواطنين أهل الكتاب وأهل الذمة، بل طالب الأبناء ببر الوالدين ولو كانوا غير مسلمين حتى لو ضيقوا عليهم دينهم، فقد أمرنا الله ـ سبحانه ـ ببرهم في كل الأحوال، قال تعالى (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إليّ ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون). هؤلاء لم يجدوا من يوضح لهم أن استباحتهم لدماء المخالف الآمن تتعارض مع تعاليم ديننا الحنيف.
عودا إلى هذا المستنسخ الذي تطاول على ديننا الحنيف وأهله كما تطاول على شرائح هامة كالمعوقين والنساء، بل وصل به الازدراء إلى حد أنه تطرق لأحد أفراد عائلته بشكل مقزز. المطلوب من طرابلس وجاكرتا وكافة دول العالم الإسلامي والعربي إيقاف أي نشاط تجاري له علاقة بهذا الرجل، فهو لا يستحق أن نكون سببا في تقوية جانبه، ولتكن بطرق يكون هو الخاسر الأكبر فيها، ولنستخدم القضاء لو تطلب الأمر.
وأعلم أن المواطن الأميركي لن يكون بهذا الغباء لينتخب هذا الأرعن، الذي قد يتسبب في حدوث كارثة سياسية واقتصادية لبلاده، والأهم لأي كارثة أمنية -قد- تصيب أميركا بانتخابه رئيسا.