لكل جيل طفولة، ولكل طفولة اهتمامات، لكن الغريب والمؤلم حين تخرج الطفولة عن درب البراءة، وحنين الطفولة يعيدنا لأيام رائعة من حياتنا، لا يمكن أن ننساها، في أيام زمان عندما نذهب إلى المدرسة ويدق جرس طابور الصباح الكل كان في التمارين شعلة من نشاط وحيوية، وكنا نتسابق ونتنافس لنكون الأحسن في الإذاعة لنستحق المشاركة إذ كانت الإذاعة مفيدة جدا، لأنها تكسبنا معلومات وثقة بالنفس، والبرامج التلفزيونية والمسلسلات الكرتونية كانت هادفة  تزرع القيم الإنسانية والأخلاقية والحب، وكلنا نتذكر أيام (عمو عبدالمنعم مدبولي وسالي وليدي)، وبعض الكلمات لا تزال باقية في الذاكرة فكأننا ما زلنا نسمع: (البنات البنات، ألطف الكائنات، وفرحانين إننا اتولدنا بنات)، وأكثر الكلمات التي أثرت فينا: (البنات حنينين، كلهم طيبين، همهم خدمة بلدهم، زيهم زي البنين) وكبرنا وتحملنا المسؤولية وأصبحت كل واحدة منا لديها رسالة، وأصبحت بيننا المعلمة والطبيبة والمحامية.

أما الجيل الآن فقد اختلف، فالأسرة ليس لديها أي وقت للتربية، والبرامج التلفزيونية فسدت وتدنت، ناهيك عن المسلسلات الكرتونية التي تدعو إلى العنف والعدوانية، واحتواؤها على كم هائل من الشتائم التي تستحي الأذن من سماعها، حتى الهوايات اختلفت، والاهتمامات تغيرت، والطفولة صارت مراهقة مبكرة، ليصبح الأطفال ضحية للعنف والنزاعات المباشرة، يتأثرون بما تعرضه وسائل الإعلام عبر شاشاتها على مستوى المشاعر والتفكير والسلوك فيما يبلغ أقصى حدود مخاوفهم، كون تلك المخاوف لها جذورها في حياة الطفل الشخصية، وتجعل البعض منهم يميل إلى التعصب في فترة مبكرة من العمر، الأمر الذي يقودهم لاتخاذ أحكام قطعية متسرعة، كالميل إلى التطرف أو الشذوذ إزاء أشياء أو أشخاص أو موضوعات.

دور الأسرة مهم لتحصين الأطفال من أمراض الطفولة العصرية، وعلى الآباء في كل الأوقات أن يشعروا أطفالهم بالمحبة والحنان، عليهم أن يضموهم ويحضنوهم صباح مساء، وسيعرفون أن الأطفال يتوقون إلى هذه اللحظات ويحنون إليها ويشتاقون. أطفالنا سر وجودنا، علينا أن نرعاهم ونوجههم ونحتويهم، فهم مستقبلنا الواعد.