انتهجت خلال الفترة الماضية طريقة عاتبني عليها بعض الأصدقاء، وهي نشر صور الهدايا الرمزية أو التذكارية أو الدروع التكريمية التي تصل إليّ.

كنت أنشرها في حساباتي في شبكات التواصل الاجتماعي. لم ألتفت إلى رفضهم، فقط لأنني لا أفعل ذلك اعتباطا!

التعريف الواقعي للهدية، أنها تكريم إنسان ما بشيء ما للمحبة، وفي الأثر النبوي الكريم "تهادوا تحابوا"، ومن الهدايا ما لا يُرد حسبما ورد في الأثر -"ثلاثة لا تُرد.."- والهدية في المجمل العام سنة نبوية، بمعنى أنها ليست اجتهادا بشريا، بل فعل محمود، تحث عليه شريعتنا الإسلامية، لأنه يزرع المحبة في النفس البشرية، أو كما يقال يفتح القلوب المغلقة!

لاحظوا أننا لا نتحدث عن الهدايا التي تقدم للموظفين. الهدايا التي تعطى للموظف بسبب عمله "غلول ورشوة". حسب تحذير سابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد!

لذلك، أجد أنني أسهم بنشري صور الهدايا؛ في نشر هذه الثقافة الجميلة.

لذلك تهادوا. قدموا لبعضكم الهدايا الرمزية. الهدية فعل إيجابي كريم وسلوك تفاعلي يجب أن تتسم به علاقاتنا الاجتماعية.

أعلنوا عن الهدايا التي تصلكم، انشروها في مواقعكم وحساباتكم في شبكات التواصل، واعرضوها في مجالسكم ومنازلكم.

أسوأ التفسيرات التي ستواجهكم أنها "استعراض"، و"فشخرة". لا تلتفتوا إلى ذلك. هؤلاء مثبطون لكل فعل جميل، ربما لم يقدموا هدية في حياتهم، ولم تقدم إليهم هدية! الهدية رسالة شخصية تحمل في طياتها معاني رائعة. تقول فيها للطرف الآخر إنك تحبه، وتحمل له معاني المودة والتقدير. قدموا لبعضكم ما استطعتم من هدايا، ووثقوا ما يصلكم من هدايا، ولا تحتقروا هدية. الهدية رمزية، أكثر من كونها "نفيسة أو باهظة السعر".

حكيت لكم ذات مرة عن سلوك رائع لأحد الأصدقاء. كان لا يعود من سفر طويل إلا وعاد محملا بالهدايا، وعلى رأس المُهدى إليهم السائق والعاملة المنزلية.

يقول لي -وهو صادق فيما يقول- هؤلاء بشر، ولهم مشاعر وأحاسيس، وهم أولى بأن نزرع محبتنا في قلوبهم، ونكسب أجرهم. أكرر اقتراحي للهيئة العامة للطيران المدني، بأن تؤسس لهذه السنّة النبوية الكريمة التي هجرها كثيرون، فتلزم المحلات الاحتكارية في مطاراتنا الدولية بتوفير هدايا بأحجام معقولة، وأسعار مقبولة.

الهدايا المتوافرة في مطاراتنا كبيرة الحجم، لا تحتويها حقيبة المسافر، ومرتفعة السعر لا يستطيع المسافر دفع قيمتها!