هذا اللقب هو من أطلقه على نفسه، فقد قال في لقاء ضمن لقاءات مؤسسة الفكر العربي، حينما أشيع عليه لقب "أمير الفكر": "أنا خادم الفكر ولست أميره"، وهذا من الناحية العملية صحيح، فالفيصل يحمل مشروعا تنويريا قديما، فهو ربيب الثقافة والفكر منذ الصغر، بشواهد قائمة تمثلت في مهرجان المفتاحة الثقافي المختلف، ثم مؤسسة عسير التي تصدر هذه الصحيفة ومنشورات أخرى، وليس انتهاء بمؤسسة الفكر العربي التي تصدى لتأسيسها والعمل عليها بكل ما أوتي من قوة وحماس، في سبيل استعادة المجد للعقل العربي.
عاش حياته يحمل مشاعل التنوير وإشاعة الثقافة والفنون الجميلة، فهو الشاعر والرسام من قبل، ولم يحضر في المشهد السعودي والعربي حاكما إداريا فقط يؤدي أعماله المنوطة به؛ بل جمع الفيصل شخصية القيادي بالمثقف الملتزم بحلمه الكبير "نحو العالم الأول"، رافعا شعار تنمية الإنسان أولا، ليأتي بعده تنمية المكان.
يؤمن الفيصل أن العلم والمعرفة هما الطريقان الوحيدان لنقل هذه الأمة إلى المستوى الحضاري المنشود، ولا طريق آخر غير الفكر وتنمية العقل، غير أن هذا التفكير يستوجب أن يكون بعقلية خالية من العواطف الانفعالية، وهو ما يعمل عليه مع فريق العمل الكبير في مؤسسة الفكر العربي، والتي أطلقت أول من أمس نسختها الـ14 في القاهرة تحت عنوان "التكامل العربي".
وللمؤسسة جهود ملموسة في تكثيف العمل الثقافي النوعي وتبني قادة الفكر وتكريمهم طوال سنوات عملها، وحرصت في كل مناسبة على تقديم الرؤى والدراسات والبحوث والنظريات التي تستنهض الهمم، وتعيد صياغة مفاهيم التنمية والوعي والهوية، في وقت يعيش فيه العرب حالة من الانقسام والتراجع واليأس، أي أن مهمة المؤسسة الأولى هي إعادة الأمل، ووضع النقاط على حروف العودة والانطلاق.
هذا الحس المتفائل والواثق بقدرة الله، أصبح جزءا من شخصيته الطموحة التي تنشد مكانها في العالم الأول، وتجلى ذلك في قصائده الأخيرة، وفي كلمته التي ألقاها في افتتاح مؤتمر القاهرة بأسلوبه البديع، حين قال: "... فلنشمر عن السواعد، ونُعِدُّ الشباب الواعد، ونسلحه بالعلم والمعرفة، والجودة والإتقان والتقنية، ولننبذ المكابرة، ونبدأ المشاورة، فما للعرب إلا العرب.. وهاكم التكامل مشروعا.. بالفكر مطبوعا.. من مؤسسة أهليَة.. لا حزبية فيها ولا تبعيَة.. حرَة الرأي.. عربية".