إن نموذج الحرب الباردة لمنع حدوث كارثة نووية لم يعُد ذا جدوى، والسلام والأمن الدوليان كانا في ما مضى يعتمدان على المعاهدات بين الدول، أما الحروب فكانت تعتمد على الجيوش التقليدية، ولكن أساليب الحرب اليوم تغيَّرت، كما تغيَّرت أساليب التهديد بشكل ملحوظ، لكن الأساليب التي تستخدمها الحكومات للحفاظ على النظام العالمي لم تتغيَّر بعد.
ينبغي على القوى الكبرى في العالم التكاتف من أجل مكافحة الإرهاب العالمي ومنع انتشار الأسلحة النووية، والحوار بين الولايات المتحدة وروسيا في هذا المجال يُعد أمراً هاماً، وذلك بوصفهما تتحكمان في الغالبية العظمى من الأسلحة النووية في العالم.
إننا نعيش في عصر من المخاطر التي لا مثيل لها على الأمن العالمي، فهل هناك أكثر خطورة من حصول منظمة إرهابية على أسلحة نووية ونشرها بالطريقة التي تراها؟ لقد التقى قادة العالم في واشنطن قبل أيام لبحث كيفية التعامل مع تهديدات الإرهاب النووية.
إن منظمات مثل تنظيم "داعش" تشكل خطراً كبيراً على العالم على الرغم من صغر حجمها وافتقارها لنفوذ عالمي رسمي، وذلك لأن هذه المنظمات لا تعمل وفق قواعد القتال المعروفة دولياً. إن قوات مثل هذه المنظمات قد تكون قليلة العدد، وإن مواردها قد تكون محدودة، لكن هجمات باريس وتفجيرات بيروت أثبتتا أن تأثيرها يمكن أن يكون مدمراً، وأن أكثر ما يثير القلق هناك أدلة متزايدة تظهر أن تنظيم داعش يسعى لاكتساب قدرات نووية.
وبالطبع إن الإرهابيين غير مهتمين بالقواعد الاسترايتجية التي تحكُم العلاقات التاريخية والسياسية بين الدول، وإنهم لا يكترثون للقانون الدولي، وإنهم يستغلون أي طريقة يجنون من ورائها ميزة أو فائدة.
لقد التزم قادة العالم بمعالجة هذه المخاوف، ولكن التعقيدات السياسية المتعلقة بالاتفاقات الأمنية الدولية تسهم في إبطاء أي إجراءات بهذا الشأن في مقابل التقدم الذي يحققه الأعداء، ولذا يجب التعاون الدولي السريع في هذا المجال.
فعلى سبيل المثال، تعاونت الولايات المتحدة وروسيا بنجاح لأكثر من عقدين من الزمن في مجال الأمن النووي، ومع ذلك أدى الصراع في أوكرانيا والاختلافات السياسية الأخرى إلى أزمة دبلوماسية خطيرة ووضع حد لهذا التعاون، وجاءت هذه الأزمة بعد سنوات مما بدا وكأنه تقدُّم. وبالإضافة إلى قرارات مجلس الأمن الدولي المتتالية، والمبادرة الروسية–الأميركية العالمية لمكافحة الإرهاب النووي عام 2006، أطلق الرئيس أوباما قمة الأمن النووي عام 2010، التي تهدف إلى منع الإرهاب النووي من خلال سلسلة من أربعة مؤتمرات عالمية، سيُعقد آخرها في واشنطن في مارس 2016.
وعلى الرغم من انخفاض عدد الدول التي تمتلك أسلحة تستخدم مواد نووية، وتعهدات دول أخرى للحد من الكميات الخاصة بها؛ إلا أن التقدم في تأمين المواد النووية لا يزال متخلفاً، مقارنة بالانتشار النووي بشكل غير قانوني.