لا أحد -حسبما أعرف وأتابع- تعرض خلال السنوات الخمس الماضية لهجوم مؤلم، كالداعية الشهير الدكتور محمد العريفي.
بل إنني أعجب من أمرين متوازيين.. الأول قدرة أعداء ومناوئي العريفي على هذا الجلَد والصبر في مواصلة الهجوم والتشنيع عليه، وكأن لا هدف لهم في هذه الحياة سوى ملاحقة هذا الرجل وتصيّد أخطائه بالصوت والصورة والمقطع والفوتوشوب وغيرها!
والآخر مقدرة هذا الرجل وفولاذيته الصلبة في مواجهة هذه الحملات الشرسة التي ما إن تهدأ إلا وتعود أشرس من سابقاتها!
أعلم أن الرجل ليس بحاجة لمن يدافع عنه، من هذا الذي ما يزال محافظا على هدوئه وابتسامته رغم كل هذه السهام المسمومة التي تنهال عليه من كل مكان؟ ربما -وهذه مفارقة- أن شريحة من الذين بدؤوا يتعاطفون معه هم خصومه في الفكر والمعرفة، لا أولئك الفرحون بسقطاته وعثراته. أحيانا -وهذه من أخلاق الفرسان النادرة- ترفض أن يطعن أحد في أخلاق أو شرف عدوك، يقينا منك بوجوب احترام الخصم لدى العرب.
قبل أيام "زل" العريفي في بعض الألفاظ في برنامج مباشر مما يسمى برامج الواقع، فالتقط خصوم العثرات عثرة لسانه.. وطار بها صائدو الزلات إلى كل مكان وأقاموا الحفلات الكلامية الصاخبة. تصفحت أغلب الحسابات والمواقع. لم أجد شخصا معتبرا -عليه القيمة- يتناول هذه الزلة أو "يلغ" في عرض العريفي أو سمعته أو أخلاقه.
وتقديرا للعقلاء من محبيه وخصومه -في آن واحد- خرج الدكتور العريفي يوم أمس معتذرا بقوله: "أسأل الله أن يغفر لي زلات القول والعمل، وأشكر لكل الإخوة الذين راسلوا ونصحوا وأسأل الله أن يوفقني وإياكم لكل خير".. هذه شجاعة ترفع لها القبعات. يحسده عليها صائدو العثرات!
بقيت نقطتان، الأولى: أن الخطأ وارد، وزلات اللسان محتملة، ولا ينجو منها إلا من رحم الله. يقع فيها العالم والسياسي والداعية والمفكر والشاعر وشيخ القبيلة ورئيس التحرير والوزير والكاتب والفنان واللاعب.. يقع فيها كل إنسان منحه الله لسانا!
الثانية: أن مواقع التواصل الاجتماعي أفرزت لنا شريحة لا هم لها سوى تصيد عثرات وزلات البشر. تستوجب من عقلاء المجتمع كشفها وتعريتها. هؤلاء همجٌ رعاع؛ ينطبق عليهم قول الشاعر: "وفي إيجادِهم لله حكمة".. احذرهم لأنهم سينقلبون عليك عند أول عثرة للسانك!