تحظى ثقافة التداوي الذاتي في المجتمعات العربية بشعبية كبيرة وإقبال متزايد من عامة الناس، حيث يمكن للفرد أن يحصل على توصية شخصية من صديق أو قريب حول النتائج الفورية لعلاج ما، ليبدأ في استخدامه دون الحصول على تشخيص من الطبيب أو على الأقل توصية من صيدلي، وتعرف منظمة الصحة العالمية التداوي الذاتي على أنه العلاج الذي يأخذه الأشخاص دون المشورة الطبية، وذلك لعلاج أعراض أو أمراض مجهولة يتم تشخيصها عن طريق اختبار الأدوية بأنفسهم.
أنواع التداوي الذاتي
هناك نوعان من الممارسات الشخصية للتداوي الذاتي، ويطلق على النوع الأول الممارسة المسؤولة وتتمثل في استخدام العقاقير والأدوية الطبية المتاحة قانونيا والمسموح تداولها وتناولها دون وصفة الطبيب، وتكون غالبا آمنة وفعالة لاستخدامات محددة، في حين يطلق على النوع الثاني الممارسات غير المسؤولة، وهي استخدام العقاقير والأدوية الممنوع تداولها وتناولها دون توصية من الطبيب المختص، والتي قد تؤدي إلى مشكلات صحية معقدة. وأظهرت العديد من الدراسات العلمية أن ممارسة التداوي الذاتي تتأثر بعدة عوامل منها العوامل الاجتماعية ومستوى التعليم للأفراد، وحجم الإعلانات، وكذلك النصائح المُعطاة من الأقارب أو الأصدقاء. كما تشكل الوصفات الطبية السابقة من قبل الأطباء أو الخبرة مع بعض الأدوية لعلاج أمراض مماثلة عوامل لا تقل أهمية لازدياد ممارسة التداوي الذاتي في المجتمعات والثقافات. وتأتي المسكنات ومضادات
الالتهاب والمضادات الحيوية من أكثر الأدوية شيوعا واستخداما.
رصد المخاطر
دراسة علمية حديثة أجرتها مجموعة من طالبات كلية الطب في جامعة الملك سعود، وهن "خلود الردادي، وريما بركة، وشيماء الرفاعي، ولينا اليحيا، ومها الدوسري" بإشراف الأستاذ في كلية الطب الدكتور خليل اليحيا، تهدف إلى تحديد معطيات استخدام التداوي الذاتي بين طلاب الجامعة، إضافة إلى رصد مدى فهم وإدراك طلاب الجامعة لفوائد ومخاطر التداوي الذاتي وسلوكهم تجاه هذه الثقافة. كما سعت الدراسة إلى تحديد أكثر الأدوية والعقاقير شيوعا في مجال التداوي الذاتي وسط هؤلاء الطلاب. وقد شارك أكثر من 450 طالبا وطالبة في البحث ينتمون إلى مختلف التخصصات والكليات، حيث تم تقسيم الطلاب إلى شريحتين، طلاب التخصصات الصحية وطلاب التخصصات غير الصحية.
نتائج البحث
انتهى البحث إلى مجموعة من النتائج تتلخص أهمها في النقاط التالية: • نصف العينة المستهدفة من الطلاب يمارسون ثقافة التداوي الذاتي، حيث يغلب التداوي الذاتي عند طلاب التخصصات غير الصحية أكثر من طلاب التخصصات الصحية. • أعراض البرد والأنفلونزا والصداع وارتفاع درجة حرارة الجسم من أكثر الأعراض المحفزة للجوء إلى التداوي الذاتي، وبالتالي تأتي المسكنات وخافضات الحرارة والمضادات الحيوية من أكثر العقاقير استخداما دون وصفات طبية من الطبيب المختص. • الخبرة والمعرفة الشخصية والحصول على نصائح من الآخرين من أكثر العوامل المحفزة للجوء للتداوي الذاتي عند هؤلاء الطلاب. وأشار الدكتور خليل اليحيا إلى أن فريق البحث يسعى في مرحلته الثانية إلى توسيع الشريحة المستهدفة لتشمل عينات كبيرة من المجتمع لرصد مدى انتشار ظاهرة التداوي الذاتي عند أفراد المجتمع، وذلك من أجل تقديم توصيات علمية تمكن أصحاب القرار من وضع تنظيمات وتشريعات جديدة حول الممارسات الفردية للتداوي الذاتي التي قد يؤدي الإسراف فيها إلى مضاعفات صحية قد يصعب التعامل معها. كما يسعى فريق البحث إلى إدراج ثقافة التداوي بالأعشاب في المجتمع ضمن اهتمامات البحث.