موضوعي اليوم عن "أغنشيله" جديدة أو قديمة قدم ما سمي بـ"الصحوة"، اسمها "يا مطوع لا تروع"، وبحكم خبرتي الفنية عرفت أنها من كلمات المبدعصحوجي: "مطوعجي"، وأداء "شيلاتصحوي" وألحان "همهماتجي"، ومونتاج "صحخونجي الدقن"، وإخراج "ثوبقصرجي وذآوت عقالجي"، وقد استمعت، واستمتعت بها، ووجدتها تصلح حتى للرقص في المناسبات!

المهم أن لي صديقاً تحول إلى "داعية" مبتدئ يترزق الله، وكنت أحدثه عن إعجابي الشديد، بالـ"أغنشيله" هذه التي استمعت واستمتعت بها، وشاهدت عظمة مخرجها الأخ "ثوبقصرجي وذآوت عقالجي"، وقلت هذا المخرج له –بكل تأكيد– بصمات في "السينما" العالمية، فقال صديقي: صدقت والدليل جدي لأمي! قلت: كيف جدك لأمك وأنت الآن في الخمسينات؟ قل: رحمه الله، قال: يا رجال، أبو الوالدة ما زال حياً يرزق، لكن هذا ليس المهم، المهم أننا غير قادرين على هدايته، الله يحسن له الخاتمة!

وهنا تحفزت وانزعجت، وقلت في نفسي الرجال على الأقل في التسعينات الآن، وفوقها "ضال" أعوذ بالله من الخبث والخبائث، فأنصت بكل جوارحي إلى صديقي فقال:

أولاً هو لا يقبل أي امرأة في العائلة "تتغطى"، ويرفض رفضا قاطعا أن يجلس رجال العائلة في مجلس منفصل عن نساء العائلة مطلقاً، وهذه ليست مشكلة، فقد حللناها، إذ يجتمع النساء والرجال أمامه في مجلس واحد وكل جنس في جهة من المجلس، ونحن عائلة كبيرة العدد، لكن الله موسع عليه، وعنده مكان يستوعبنا، و"بيني وبينك"، نساؤنا ريحونا من الماكياج الزائد وغيره، خاصة كل يوم جمعة، حيث نجتمع عنده "خلطي"، لكن حدث يوم الجمعة الماضية حدث لم يكن في الحسبان، ولم يتصور أحد من العائلة الكبيرة نساءً ورجالاً أن يحدث، وذلك حين قام "جدي" هداه الله، وأغلق جهاز التسجيل بنفسه، وطرد الكل من بيته في حين كان الخدم "عنده خدم رجال ونساء" يضعون الغداء "الشهي" على الطاولات!

القضية كلها تتمحور حول "الأغنشيله" التي ذكرتها "يا مطوع لا تروع"، فبمجرد أن قامت "صحوة" وهي بنت أخي "جهيمبنَّا" بتشغيلها، حتى انتفض "جدي" وقام يصيح بأعلى صوته: "وين عود أبو خشبة وفوزي، وين فرقة أم كلثوم، وين، وين..!" وبدأ يخذرف، وطرد كل أفراد العائلة، وبدأ ينتحب، حتى خفنا أن روحه فاضت إلى بارئها، لكن –الحمد لله– فاق، الله يحسن له الختام.

قلت: الله يحسن له الختام، لكن يا صديقي يا بو "صحواني"، والله ما فهمت ولا حاجة مما قلت!

قال: أعرف. وسأفهمك. يا حبيبي كل العائلة الكبيرة التي حدثتك عنها أو معظمهم، ملتزمون ومتدينون ولله الحمد، وأكثر رجالها –ولله الحمد– لحاهم معفاة، وثيابهم قصيرة ولا يلبسون العقال مطلقاً، إلاّ يوم الجمعة "إرضاء للجد هداه الله!" أمّا النساء، فلا نعلم عنهن شيئاً ولا نعرفهن مطلقاً عدا النظرات المختلسة بين الشباب والبنات كل يوم جمعة في مجلس "الجد"، فهو –كما قلت لك– يرفض أن يتغطى أحد، ولذلك يأتي الجميع على حقيقتهم، فلا "مكياج" ولا تضليل، لكن –أيضاً– معظمهن ملتزمات ومواظبات على حضور ندوات الداعيات في المساجد.

قلت: وأين المشكلة؟

قال: المشكلة الكبرى للعائلة كلها هي "الموسيقى"، فهم جميعاً يعرفون أنها حرام عدا "الجد الله يهديه!" فهو يرفض أي نقاش فيها، فهي صديقته ومن يلازمه ليل نهار، من عود "أبوخشبه"، ومروراً بما بعده والموسيقى "التونسية" وأغاني "أم كلثوم وعبدالوهاب وفريد وفايزة، وفيروز وأبوبكر ومحمد عبده وطلال..وغيرهم" أغنية تبدأ وأخرى تنتهي طيلة الوقت عنده، عدا أوقات الصلاة التي يسبقها ويعقبها دقائق معدودات يقرأ فيها القرآن جهراً في البيت، فهو لا يذهب إلى المسجد القريب "هداه الله"! قلت: المهم أنه يصلي في جماعة، فبكل تأكيد أن أبناءه حوله. قال: صحيح، بل وبنى بماله مساجد كثيرة لكن!! وهنا تنهد أبو "صحواني" وقال: "الله يهديه".

قلت: يا أخي "هداك الله" أهلكتني بدعوتك المتكررة "الله يهديه" وكأن جدك مجرم! قال: أعوذ بالله يا أخي أنت كما يبدو "ليبرالي!" كما يقال عنك، حيث كل الذي قلته لك لم تستنكره مثلنا على جدي وتقول: هلكتنا بدعائي له بالهداية. قلت: هداني الله وهداك وهداه، لكني لا أرى في سلوكه خطأ، قال: سأقول لك القصة الأخيرة لتعرف كم أنا متألم من عدم اقتناع جدي! قلت: قل وفكني!

قال: قلت لك ما إن شغلنا يوم الجمعة الماضية "الأغنشيله" "يا مطوع لا تروع" حتى حدث ما قلته من طرد وتكسير الأجهزة وطرد العائلة كلها، بدون غداء، وفي اليوم التالي جاء ليتدخل بعض جيران المسجد القريب الذي بني على نفقته والذين لم يروه من قبل بعد أن سمعوا عن الحدث محاولين تهدئته، وهدايته، لكن ما إن بدؤوا في وعظه حتى شهق، وأغمي عليه، وفجعنا وهو يرفع إصبعه وكأنه ينطق بـ"الشهادة"!

قلت: ربما أغمي عليه قهراً من الهمهمات وممن يحاولون إقناعه بها، قال: لا. بل الشياطين خنقوه لأنهم لاحظوا أن حضور جيران المسجد، سينجيه من الغرام بالموسيقى، خاصة أن نور وجوههم الساطع من التقوى، أبهر الشياطين –بكل تأكيد–، فخنقته الشياطين حتى لا يسمع كلام الناصحين، الذين سيقنعونه قطعاً، وأحد "الرقاة" كان حاضراً، وقال مثلما توقعناه سبباً لإغماءته المفاجئة! التي مازال بسببها في العناية المركزة!

قلت: شفاه الله، ومازال مسلسل الإغماء الاجتماعي مستمراً، و"الأغنشيله" مستمرة.

شفا الله جد صديقي و"دايخ" المسلمين أجمعين!