لم يكن أمام معظم المشتركين في المكاتب التنفيذية بمطارات المملكة الداخلية سوى اللجوء إلى صالات الدرجة الأولى الخاصة بالخطوط السعودية، والتي أصبحت تُسمى فيما بعد بصالات الفرسان. بعد تراجع مستوى خدمات المكاتب التنفيذية والتابعة للطيران المدني إلى حدود غير مقبولة سواء في الأثاث أو دورات المياه أو الخدمات. وأتذكر أنني كتبت مقالا في هذه الصحيفة أناشد الطيران المدني على الأقل بوضع حلول عاجلة لوقف هدر واستنزاف المياه المبالغ فيه في دورات مياه بعض المطارات الرئيسة، منها مطار الملك خالد الدولي، إسهاما مني في دعم حملة ترشيد المياه التي كانت تقوم بها وزارة الكهرباء والمياه، ولكني لم ألاحظ أي تجاوب.
من هذا المنطلق، لم يكن أمام الطيران المدني سوى اللجوء إلى القطاع الخاص لإدارة وتشغيل هذه المكاتب، وكانت عند الحقيقة خطوة موفقة جدا. ووقع الاختيار على شركة اسمها "ميزة"، وتم توقيع العقد معها لتقوم هذه الشركة بإدارة وتشغيل المكاتب التنفيذية في المملكة، وبالتأكيد ليس لدي أدنى فكرة عن بنود العقد، ولكن دعاية الشركة كانت مغرية، وبناء عليها رفعت الأسعار وكبلت المشتركين ببعض القيود المبالغ فيها من أجل رفع الإيرادات، وقد كتبت في حينه خطابا شخصيا إلى الطيران المدني، والذين تجاوبوا سريعا.
والسلبية التي ربما ليست الوحيدة، أن عناوين إداراتها العليا وأسماء المسؤولين غير معروفة حتى للعاملين فيها.
استبشرنا خيرا بقدوم هذه الشركة، رغم أننا كمشتركين لاحظنا أن اهتمام تلك الشركة انصب على المطارات الرئيسة في المملكة فقط، ثم وعلى استحياء وباتصال شخصي تم استبدال سيارات الطيران المدني المتهالكة في مطار أبها الدولي، وكان التغيير واضحا، ولمسنا الفارق بين الماضي والحاضر، وأصبحت المكاتب في مستوى راق ورائع.
فجأة، قرر الطيران المدني فسخ العقد، أو ربما انتهت مدته لا ندري، كل الذي لاحظناه أن "حليمة" عادت إلى وضعها السابق، وعاد الوضع إلى أسوأ مما كان عليه قبل ميزة.
والتساؤل هو: طالما أن الطيران المدني استشعر أن الحاجة تدعو إلى الاستثمار في هذه المكاتب! فلماذا لا يتم الاستمرار في تشغيل وإدارة هذه المكاتب بواسطة القطاع الخاص؟
لأن الطيران المدني، وبأسلوب التشغيل الذي يكبله الروتين الحكومي، ومن ذلك اعتبار الرسوم إيرادا حكوميا يودع في حساب وزارة المالية والتي كما هي العادة تأخذ ولا تعطي، أقول أن هذا الأسلوب ضار وغير مفيد، والمشتركون ينتظرون خدمات راقية، ويتطلعون إلى مكاتب تنفيذية لائقة حتى بالضيوف من غير السعوديين.