مشكلة بندر بن سرور ليست مع الناس بل مع المكان، ومع كل من يحاول أن يهز علاقته بالمكان. ومن ضمن من يهزون علاقته بالمكان، رجال الأمن الذين يتوزعون في نقاط التفتيش، ولهذا علاقته متوترة بهم، ليس بسبب مشكلة معهم كأشخاص، ولكن لأنهم يوترون علاقته بالمكان والتنقل، وهو الشاعر الذي لا يريد أن يستقر في مكان واحد، في حركية دائمة كان نتاجها ارتباط قصائده بالمكان، وهذا ما يفسر لنا ورود كثير من أسماء الأمكنة فيها:
إذا بغيت أجلس ترى لي مجاليس
وإذا بغيت أمشي دروبي عسيرة
المكان بالنسبة لبندر بن سرور هو حقيبة سفر، ولأنه يرتحل من مكان إلى مكان، في حالة استمتاع وجداني نادر، ولأنه لا يريد أي شيء يوتر علاقته بالأمكنة، فلم يجد أنسب من الكائن الوحيد الذي لا يوتر علاقته بالمكان، ألا وهو السيارة، لهذا عقد معها علاقة صداقة نادرة، اتضحت في كثرة ما يضمنها في قصائده، بل ويتفنن في وصف سيارته، ووصف علاقته الوجدانية بها.
هذه مشكلة بندر في شكلها البسيط، أما في شكلها المعقد، فإن مشكلة بندر الأساسية هي الحريّة، ولهذا هو يكره كل ما يقيّده، بل حتى الزواج بالنسبة له قيد حرية، لهذا مات عازبا.
بندر ثائر في شعره، وفي سلوكه، وفي كل ما يقيد حريته ومكانه، ولهذا كان من الطبيعي جدا، أن تكون نهايته، بقرب صديقه الوحيد، سيارته، حيث وُجد ملقى بجانبها، وقد فارق الحياة، كواحد من أعظم الشعراء طوال القرن الماضي.