بينما يتجادل الغرب حول التهديد الذي يمثله اللاجئون السوريون في دولهم، يواجه بشار الأسد مشكلة أشد تعقيدا في الداخل: فوفقا لمسؤولين سوريين، فإن نصف تعداد السكان في المحافظات الساحلية الخاضعة لسيطرة الحكومة، مثل طرطوس واللاذقية، هم من النازحين من مناطق سيطرة المعارضة، وليس لدى السلطات السورية الموارد الكافية لمراقبة أولئك الذين تشك في ولائهم.
يُقدر عدد النازحين داخل سورية بحوالى 7 ملايين نازح وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، كما فرّ 4 ملايين آخرون إلى خارج البلاد، وتستضيف دمشق حوالى 436 ألف نازح داخلي، وتستضيف ضواحيها حوالى 1.2 مليون نازح، ولكن الحكومة السورية تقول: إن التقديرات الحقيقية تبلغ ضعف تقديرات الأمم المتحدة.
وعلى الرغم من أن حل مشكلة النازحين داخليا تبدو استراتيجية هامة للأسد، إلا أن بعض المسؤولين الدوليين يقولون: إن الأسد تعمد تسهيل مغادرة السوريين للبلاد، للحد من تفاقم المشكلة، فقد بات السوريون الآن قادرون على استخراج جواز سفر خلال أسبوع واحد، كما أُزيلت القيود عن الممرات الحدودية، ولكن في المقابل، أدت هذه السياسة إلى تفاقم أزمة اللاجئين في الدول المجاورة.
تزداد حدة المشاكل كلما اتجهنا شمالا صوب اللاذقية، التي تستضيف عددا أكبر من النازحين، وتقع بالقرب من جبهة القتال، منذ 2014، قال كثير من اللاجئين من شمال سورية إنه جرى ردهم عندما حاولوا الفرار من الساحل السوري عند مناطق القتال الواقعة حول إدلب وحلب، وتنكر الحكومة مثل تلك المزاعم، لكنها عجزت الحديث عن أي ملاجئ أو مخيمات تستضيف نازحين من القتال في العام الماضي، فمعظم التقارير الحكومية تعود إلى 2013 أو ما قبله.
تآكلت الثقة في الحكومة لدى بعض النازحين، إلا أنهم ينتقدونها في صمت، خشية وصفهم بالإرهابيين أو معارضين مندسين.
وفي دمشق، المدينة ذات الأغلبية السُنية المحاطة بمتمردين مناهضين للحكومة من عدة جوانب، يُمكن ملاحظة النقص في الموارد الحكومية بشكل أكبر.
معظم النازحين إلى العاصمة قدِموا من مناطق خاضعة للمعارضة، وتتعرض إلى قصف متواصل من الحكومة، مثل ضاحية "جرمانة"، الواقعة جنوب المدينة، وعلى بُعد أميال قليلة من جبهة القتال. وقد احتشد حوالى 1.6 مليون شخص، بحثا عن ملجأ في ناحية يمكنها استيعاب ثلث هذا العدد.
يتردد صدى المآسي في كثير من البيوت في أنحاء سورية، وتتضاعف عدة مرات مع مرور الوقت، وما تزال حكومة الأسد تروج أن الدولة قادرة على العمل، وأنها تحظى بتأييد الشعب، لكن حقيقة الحرب السورية تختلف كثيرا عما تروج له الحكومة عبر وسائل إعلامها. ومن المرجح أن يكون السكان المشردون مصدرا مستمرا من عدم الاستقرار، وزلزالا ثائرا لا يهدأ.