بين الحين والآخر تظهر أصوات من هنا وهناك تشكك في وطنية البعض، وتكيل لهم التهم، بسبب الاختلاف في وجهة نظر، أو رأي، أو لأهداف أخرى.
وقد قلت منذ زمن بعيد، وأكرر الآن، إن ثوابتنا الوطنية ثلاثة – في نظري ونظر كثيرين - وهي: ديننا الإسلامي بنقائه واعتداله وسماحته التي يمكن لها أن تستوعب الإنسانية كلها، ووحدتنا الوطنية العظيمة التي أرسى دعائمها الملك عبدالعزيز – رحمه الله – كأعظم وحدة وطنية شهدها العصر الحديث وحملت اسم "المملكة العربية السعودية"، والثالث هو ضامن وحدتنا الوطنية – بعد الله – المتمثل في قيادة "آل سعود"، وقلت، وأكرر هنا، إن انطباعي عن نظرة الناس إلى قيادة "آل سعود" للوطن، تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي: الأكثرية وهؤلاء يحبون "آل سعود"، وبالتالي يحبون الوطن بالضرورة والحب لا تفسير له، وقسم أقل من الأول، وهؤلاء حياديون لا يحبون ولا يكرهون، لكنهم يحبون الوطن، ويدركون أن مصالحهم ومصالح أحفادهم فيه، وبالتالي يدركون أن وحدته وقوته عز لهم، وأن "آل سعود" هم الأفضل والأقدر على قيادته، والقسم الأخير الأقل غير محبين لـ"آل سعود"، لكنهم عقلانيون ويحبون الوطن – أيضاً – ويعلمون أن "قيادة آل سعود" هي التي تضمن وحدته وتطوره، وكل الفئات الثلاث مع اختلاف في زوايا النظر ومستويات الوعي والقدرة على التعبير، شركاء في الوطن، ومن حقهم بل من واجبهم نقد الأخطاء، والعمل على درء الأخطار، وقيادتنا تشجع على ذلك وتطلبه، وكل الملوك "من آل سعود" يؤكدون ذلك ويطالبون به، وكلنا نعرف ونتذكر مقولات الملك سلمان – حفظه الله – في فوائد النقد الموضوعي، وأهميته في التطوير والبناء.
وتبقى فئة قليلة جداً، لا شأن ولا أهمية لهم، ومعظمهم خارج الوطن، وهؤلاء يسعون ليل نهار إلى هدم المعبد على من فيه، فهم كارهون للوطن وأهله، وأبسط ما يمكن أن يقال لهؤلاء أن "القافلة تسير و.......". وأنا هنا، لا أرد، على المشككين في وطنية بعض الناس، فأنا أعرف أن كثيراً منهم "دراويش" يرددون كلام غيرهم، أولا يجدون حجة منطقية في حوار، أو رأي، فيلجؤون إلى التهم الجاهزة، أو "جهلة" يظنون أن "الوطنية" تتناقض مع نقد أعمال الحكومة، فهم لا يفرقون بين الدولة والحكومة، أو يظنون أن "الوطنية" ليست قناعة راسخة، وإنما مجرد مزايدة على الآخرين! وترديد وتكريس "كل شيء تمام"!.
أقول لا يهمني هؤلاء المشككون، لكني أردت توضيح وتكريس ما أعتقد، ونحن – ولله الحمد – في وطن ينعم بالأمن والاستقرار، وشهد ويشهد تنمية جبارة، وحقق مكتسبات ضخمة ورائدة، جعلته في "مجموعة العشرين" اقتصاديا، وجعلته محور التأثير سياسياً في المنطقة، والعالم، وشواهد التحضر والتطور في شتى الحقول والمجالات، أكثر من أن تحصى، لكن ما زلنا نطمح إلى المزيد من التطور والتحضر عن طريق النمو الرأسي والأفقي، فلدينا بنية تحتية تحتاج استكمالاً، ولدينا أنظمة ناقصة أو تفتقر إلى التطبيق الدقيق، ولدينا نقص في بعض الإمكانات والقطاعات، ولدينا – أيضاً – أخطاء، والوطن وطننا جميعاً، قيادة وحكومة وشعباً، فكلنا مسؤولون عنه، وعن درء الأخطار والعوائق عنه سواء كانت من الخارج أو الداخل، والحكومة يجب أن تخدم الشعب، بل إن قيادتنا تفخر بخدمة الحرمين الشريفين وخدمة الشعب، وبالتالي فواجبنا جميعاً أن نخدم الوطن، ونجتهد في ذلك ما وسعنا الاجتهاد، والنجاح دائماً وأبداً، هو ثمرة من يجتهد فيخطئ ويصيب حتى ينجح في تحقيق تلك الثمرة، فليس هناك وطن في الأرض كلها أعلن أو ادعى أنه حقق الكمال، بل الكل حريص على ركوب قطار التطوير والتحديث والإصلاح بكل جوانبه، فالحياة تتغير كل يوم، والأحياء هم النابهون الذين يتعلمون ويفكرون ويخططون ويعملون، والذين يؤمنون فعلاً أن الله استخلفهم في الأرض لعمارتها، وليس لخرابها، كما يفعل ويسعى البعض ممن يصفقون لمنظمات وجماعات تخريبية في الخارج، أو يتعاطفون مع إرهابيي الداخل، جهلاً بالسياسة والمصالح الوطنية، أو طمعاً في جماهيرية زائفة، أو قناعة غير مفهومة ولا مبرر لها.