يُشير توقيف العديد من الصحفيين والناشطين ورجال الأعمال الإيرانيين خلال الأسابيع الأخيرة إلى التوترات المتزايدة بين الرئيس الإيراني حسن روحاني والفريق المحافظ في إيران في أعقاب الاتفاق النووي مع "مجموعة الخمسة زائد واحد". وعلى الرغم من أن مستوى القمع الكامل ليس واضحاً بعد، يحمل الدور المتزايد لمنظمة مخابرات الحرس الثوري الإيراني تضمينات مهمة لروحاني وحلفائه عشية الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الخبراء في فبراير 2016. 

تأسست "منظمة مخابرات الحرس الثوري" على يد آية الله علي خامنئي عام 1997 بعد انتخاب الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، وذلك كمنظمة بديلة مع مهام توازي "وزارة الاستخبارات والأمن الوطني". وقد استولت المنظمة إلى حد كبير على الأمن الوطني، على الرغم من أن الوزارة  تتشارك مسؤوليات إحباط الإصلاحيين بشكل فاعل ومنع نشوب اضطرابات داخلية.

في خطاب موجَّه إلى قادة  الحرس الثوري الإسلامي بتاريخ 15 سبتمبر، ادعى روحاني بأن الحرس الثوري ليس الوصي الوحيد على الثورة الإسلامية، مشيراً إلى أن المهمة نفسها قد تم تحديدها لممثلي البرلمان، والمجلس الأعلى للأمن القومي، والقوّات المسلحة، والمؤسسات الأخرى".  إن محاولات روحاني الحد من دور الحرس الثوري في السياسات المحلية، وتفادي، في الوقت نفسه، الخطوط الحمراء للمرشد الأعلى حول فتح الأجواء السياسية في البلاد، قد لقيت مقاومة عنيدة من قبل المتشددين.

وفي رد على انتقاد روحاني للحرس الثوري في 16 سبتمبر، أصرّ خامنئي على أنه "لا فاعل آخر يتحمل المسؤولية المؤسساتية لحماية الثورة الإسلامية غير الحرس الثوري"، ودعا منظمة مخابرات الحرس الثوري إلى "مراقبة كافة القضايا باستمرار ورصد التهديدات" ضد الجمهورية الإسلامية. ومنذ ذلك الحين، قادت المنظمة التحقيق والاعتقالات اللاحقة لإيرانيين متهمين بروابط مع وكالات استخبارات غربية.

في الأسابيع القليلة الماضية، قادت منظمة مخابرات الحرس الثوري حملة ضد موجة جديدة من التحريض والفتنة يُقال إنها أكبر حملة تقوم بها الدولة منذ عام 2009. فقد قامت باعتقال تسعة صحفيين وناشطين ورجال أعمال على الأقل. واعتقلت 170 شخصاً إضافياً مرتبطين بمواقع التواصل الاجتماعي ومتّهمين بنشر دعاية مناهضة للنظام.

سيكون للأجواء المتشددة المتزايدة بعد الاتفاقية النووية تداعيات محلية سلبية، إلا أنه لم يكن لها حتى الآن تأثير مباشر على الاتفاقية النووية - التي هي صفقة لا تزال إيران بحاجة إليها لإصلاح اقتصادها المتداعي. ومع ذلك، فإن تمكين خامنئي لـمنظمة مخابرات الحرس الثوري سوف يؤدي إلى استمرار تخويف الإيرانيين الذين يدعمون الإصلاحات المحلية والعلاقات المحسنة مع الغرب.

وفي مثل هذا المناخ السياسي، فإن حدة نشاطات منظمة مخابرات الحرس الثوري تبعث برسالة  ستدفع المعسكر المحافظ على استخدام القوّة الغاشمة لمقاومة المحاولات الهادفة إلى إدخال الاعتدال إلى الجمهورية الإسلامية. وهناك احتمال مثير للقلق في هذا السياق وهو ما إذا كانت منظمة مخابرات الحرس الثوري ستستخدم نفوذها لتشديد الأمن بشكل أكبر على برنامج إيران النووي، الأمر الذي سيُشكل تطوراً قد يُعقد الوصول إلى مواقع حساسة وقد يُعرقل تنفيذ الاتفاق النووي.