هناك قاعدة اقتصادية صحيحة يعرفها الاقتصاديون تمام المعرفة تقول: "أهم مقومات الاقتصاد الأمن والأمان وسلامة الاستثمارات والحفاظ على حقوق الإنسان". فلا يمكن أن يكون هناك استثمار بدون استقرار أمني وسياسي. ولهذا تحرص الدول المتقدمة وكذلك الدول النامية على المحافظة على أمن بلادها ومواطنيها.. وقد ابتلي العالم اليوم بالإرهاب الذي لا يعرف ولا يفرق بين الأديان والجنسيات والمذاهب.. وأصبح الإرهاب، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اليوم ظاهرة أخذت تنتشر من بلاد إلى بلاد ويذهب ضحيته الأبرياء وهو بالتالي يضرب اقتصاد البلدان في مفاصلها فلا حياة بدون اقتصاد منتعش..
ومن الدول التي عانت الإرهاب بلادنا، المملكة العربية السعودية حتى وصل الإرهاب إلى قتل المصلين في المساجد وهم يعبدون الله.. مسلمون يقتلون مسلمين باسم الإسلام.. والإسلام بريء من هذه الممارسات حتى لو كان من يفعل ذلك من أهله، ففي الإسلام من أحيا نفساً فكأنما أحيا الناس جميعاً، ومن قتل نفساً فكأنما قتل الناس جميعاً، وتمكنت بلادنا وبحمد الله، من صد كثير من العمليات الإرهابية في مهدها قبل الشروع فيها، متفادين بذلك ولله الحمد والمنة وبتوفيقه وإرادته، الكوارث الكبيرة قبل وقوعها في الأنفس والممتلكات ومدافعة عن الأنفس والاقتصاد. وأصبح وللأسف الإرهاب عمليات منظمة من الصعب اكتشاف بعضها مثل حوادث الإرهاب التي وقعت أخيراً في عدد من الدول العربية والأجنبية والتي راح ضحيتها المئات وضربت بذلك الاقتصاد في مفاصله.. ما واجهته فرنسا وواجهته مصر في الأيام القليلة الماضية إلا أمثلة صارخة على ما نقوله.. وقد تسبب ذلك الإرهاب في قتل وجرح المئات وتدمير منشآت وإحدث الخوف والذعر في الأنفس فترك الناس الزائرون أماكن السياحة التي كانوا يستمتعون بها وضربت مناطق السياحة وأصبحت خالية من الزوار، مما تسبب في فصل الآلاف من وظائفهم وتعطيل أجزاء مهمة من اقتصاد تلك البلدان كانت أحوج ما تكون إليها في دعم اقتصادها.. وأثر ذلك في حل مشكلة قائمة هي مشكلة المهاجرين السوريين إلى أوروبا فأوقف الحلول التي اجتمع قادة أوروبا مرات عديدة لحلها وتأثر بذلك أخوة لنا كانوا يحتاجون الحلول كما تأثر اقتصاد مصر بشكل مهول، وأصبحت المنتجعات خالية وضرب الاقتصاد على مستوى الدولة، حيث كانت السياحة تشكل الجزء الأكبر من الدخل للدولة، وعلى مستوى الأفراد بشكل مباشر حيث تم فصل آلاف منهم لعدم وجود عمل في تلك المناطق السياحية.. وكان لحادثة شرم الشيح تحديداً أثر كبير في ضرب الاقتصاد المصري، والتي يظن أنها بسبب فعل إرهابي.. فغادر السياح شرم الشيخ وأوقفت الرحلات بتوقف السياح وامتناعهم المجيء إلى رحلات كانت مرتبة على مدار العام فكانت ضربة قوية عانت منها مصر وأهلها، وكان لا بد أن يلجأ الإخوة في مصر إلى الأشقاء لطلب المساعدة.
يقول الاقتصادي البارز الدكتور عبدالله دحلان: "إن منتجع شرم الشيخ يستقبل أكثر من أربعة ملايين سائح سنويا. ويعمل به حوالى 80 ألف عامل مصري في مختلف التخصصات الخدمية والفندقية، مما نتج عنه تسريح 40 ألف عامل نتيجة توقف السياح الأجانب لمدينة شرم الشيخ بعد حادث الطائرة الروسية."، هذا فيه ظلم لمواطني مصر العزيزة وعقاب لا يستحقه المواطن المصري.. ولم تستطع قوى عظمى وقف الإرهاب فكانت كارثة 11 سبتمبر 2001 هي الأكبر ولم تستطع إسبانيا وقف الإرهاب الذي تعرضت له إحدى محطات القطار، ولم تستطع فرنسا أن توقف العمل الإرهابي الذي واجهته، وما زالت قوات التحالف ومنذ عام وهي تضرب معاقل داعش وانضمت أخيرا روسيا وفرنسا للمشاركة في محاربة داعش فكانت النتيجة ردة فعل مؤلمة أثرت في الإنسان والاقتصاد الفرنسي، كما هو الحال في مصر التي تمر بظروف اقتصادية صعبة وتعتمد على السياحة في جزء كبير لدعم اقتصادها وتشغيل عمالتها.. وبلادنا المملكة العربية السعودية كانت سباقة لمساعدة الإخوة والأشقاء والأصدقاء في جميع أنحاء المعمورة وكانت بلادنا أول من يهب للمساعد للتخفيف على أي دولة في العالم من معاناتها عند حدوث أي كارثة.. والعالم يشهد على ذلك والأمثلة كثيرة..أما فيما يتعلق بمصر فقد استثمر رجال الأعمال ما يقدر بـ27 مليار دولار في مشاريع اقتصادية: صناعية وزراعية وفندقية وعقارية وخدمية في مصر ولن ننسى السياحة الخليجية في مصر التي تعتبر الأكثر إنفاقا مقارنة بجميع السياح من مختلف أنحاء العالم.
وانطلاقا من العلاقة الوثيقة التي تربط مصر والسعودية على المستويين الرسمي والشعبي والتي تمثلت في توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز للخطوط السعودية بتسيير رحلات مباشرة إلى شرم الشيخ ليؤكد للعالم وقوف المملكة دولة وشعبا مع مصر، فقد استجاب رجال الأعمال والمواطنون لهذه الدعوة الكريمة وأثبتوا أن مصر وشعبها سيكونان بخير بإذن الله..
وكان من ضمن تلك الأمثلة المضيئة ما قامت به جامعة الأعمال والتكنولوجيا بجدة الأسبوع الماضي في رحلة إلى شرم الشيخ قوامها 120 شخصا من الدكاترة والأساتذة والمهندسين والطلبة في طائرة سعودية وأخرى مصرية حظي فيها هذا الوفد بأحسن استقبال وشعر بمدى أهمية السياحة لاقتصاد مصر وأهمية الدعم الشعبي والأهلي بجانب الدعم الحكومي.. وهنا نتوجه بدعوة إلى كل من يحب مصر وأهلها من أبناء مصر وبقية العالم العربي والخليجي على الوجه الأخص والشركات السعودية والخليجية المستثمرة في مصر إلى تفعيل دورهم السياحي لدعم السياحة في شرم الشيخ لتفويت الفرصة على من يحيك المؤامرات ضد بلداننا وضدنا، ولنثبت لكل من ينتهج الإرهاب أنه لن ينجح.. وأننا بتوفيق الله وإرادته سننتصر على من يهدد ديننا وبلادنا واقتصادنا.. وإذا تجاوبنا اليوم مع إخوة لنا سيكون ذلك مدعاة لتقوية اللحمة التي تجعل من جسدنا جسدا واحدا إذا اشتكى من عضو تداعى له كامل الجسد بالسهر الحمى.. نسأل الله العظيم أن يحمي ديننا وأمتنا وأوطاننا ويحمينا من كل سوء. إنه سميع مجيب.