خذ نفسا طويلا. استرخ ثم انظر حولك. نعم الحياة حلوة. دعك من كل هذا الضجيج والفوضى. إنها لا تعنيك. أنت هنا كي تعيش وتستمتع فقط. المشكلات جزء من تركيبة الحياة المعقدة واللذيذة، أعمار بلا عوائق ومتاهات، لا قيمة لها. القيمة تكمن في القسوة وتحدي التغيير. الحياة السهلة رتيبة ومقرفة. وأصلا ليست هناك حياة سهلة، وإن كانت فإنها ستكون رخيصة لا تحقق المراد من وجودك كمخلوق معجزة.
أنت كائن جئت إلى هذا الكون كي تواجه حقيقتك. حقيقة أنك تعيش المتناقضات وتفككها وتتعلم منها. الخير والشر، الحرب والسلم، الحب والكره، والتقدم والتأخر. وعليه فإن عذوبة العيش أن تجرب النقيضين، ولن تستشعر لذة الجمال دون أن تعايش فداحة القبح وتتقبله تماما، كجزء مكون من دولاب الحياة الذي لا يتوقف.
وإذا خسرت هذه المواجهة، جرب ألا تسلم نفسك للحقيقة التي تراها. افترض أنت حقائقك وعشها. انظر للإحباط على أنه تحفيز، والضياع متعة، والفشل وعي. إنها مجرد أسماء نحن من يعطيها قيمتها، فتحترب مع مشاعرنا إلى أن تفتك بها وبنا. مشاعرنا نحن نخلقها. هي لا تتلبسنا بفعل الأحداث. هي التي تخلق الأحداث. لذا من المنصف أن ننتبه لها أولا ونفرض سيطرتنا عليها بالتفكير الفطري الطبيعي الذي منحنا الله إياه قبل أن يتلوث بفعل الزمن.
الوضع العربي الراهن سيئ للغاية، بل هو ذروة الانحطاط التاريخي الذي تحدث عنه الفلاسفة والمفكرون. مصطلح الانحطاط يحمل معنى واحدا، لكنه لا يحمل أي قيمة ما لم نلبسه إياها. لماذا لا يكون رحلة صعود من القاع؟ ما الذي لا يجعله حالة معرفية تزيدنا قوة وعطاء؟ أمم كثيرة خرجت من العدم واليوم تسجل اسمها كوجود عظيم مؤثر.
ليست دعوة إلى المثالية، ولكن ليس أمامنا كثير من الخيارات. إما أن نعايش الانكسار ونهبه فرصة التأثير، وإما أن نبدل طريقة تعاطينا مع الوضع الراهن ونحول السقوط إلى طريق عودة. كيف؟ هكذا، لأننا نريد ذلك. نحتاج أن نلعب في المفاهيم. ولن يتحقق هذا إلا إذا أيقنا تماما أن الحياة فعلا حلوة وتستحق أن نعيشها بحب وفرح، رغم كل هذه المآسي. إن لم يكن من أجلنا فمن أجل من هم حولنا. وكل ما يحدث اليوم هو مجرد أحداث غبية في مرحلة أغبى، من حقنا أن نقهقه عليها جميعا ونبتهج.