يفترش مسن التراب، ويتوسد الصخر، وينام في العراء في محافظة الرس، ويقضي يومه هائما على وجهه، مهملا لأكثر من عقد.

"الوطن" وقفت على حالة "مسن الجندل" بمحافظة الرس ـ والذي تتحفظ باسمه ـ ، فوجدته في نفس المكان الذي اعتاد السكن فيه، وهو عبارة عن أكوام من الحديد تقسو عليه، لا سيما في درجات البرودة العالية التي تتسم بها الرس هذه الأيام.

سألناه: "من أنت؟"، فأجاب بصوت خفيض "أنا شايب قديم".. أثناء ذلك قدم إليه شخص يدعى العم خضير حاملا الطعام له، فطلبنا منه معرفة قصة المسن.

قال العم خضير "أخبرني المسن أنه قبل 15 عاما كان طبيعيا، ويقود سيارة، ويتاجر في الإبل"، وأبدى تعجبه من ابتعاد الأفاعي والحيوانات الضالة عنه، وعدم إصابته بأذى.




إخراج المسن

أوضح الدكتور الضبيب أن "الشؤون الاجتماعية تفاجأت بعد أيام بحضور والدته وشقيقه، حيث أصرا على إخراجه، ورغم عدم موافقتنا على ذلك اضطررنا إلى تلبية رغبتهما، لأننا لا نستطيع رفض رغبة ولي أمر، ولكننا في المقابل أخذنا تعهدا عليهما بالمحافظة عليه، والاعتناء به، وعدم تركة في العراء وحيدا، خصوصاً أنه غير مدرك لما يدور حوله، وحتى الآن لا نعرف أسباب تركه مرة أخرى في الصحراء".




الدولة لم تقصر

أكد المدير العام لفرع وزارة الشؤون الاجتماعية بالقصيم أن "الدولة لم تقصر في تجهيز دور الإيواء الاجتماعية والصحية، لذلك كان مكمن قلقلنا من أن يتم تصوير المسن للإساءة إلينا وإلى الجهود التي تبذلها الوزارة"، مشيرا إلى أن الوزارة ستبادر باستدعاء المتعهد، لمعرفة أسباب نقضه العهد.

وشدد على أن "المشكلة ليست في إيواء المسن لتوافر الإمكانات، بل في ولي أمره الذي لم يبد أي تجاوب، ليس ذلك فقط، بل طالبنا بأن نرفع أيدينا عنه".







التفاعل مع الحالة

"الوطن" تفاعلت مع الموقف، وسارعت بالتواصل مع الشؤون الاجتماعية في القصيم، لمعرفة الإجراءات المتبعة في التعامل مع مثل هذه الحالات.

وقال المدير العام لفرع وزارة الشؤون الاجتماعية بالقصيم الدكتور إبراهيم الضبيب لـ"الوطن" إن "ذوي مسن الجندل تفاعلوا مع توجيه أمير المنطقة قبل أشهر مضت بإيوائه، ومعرفة متطلباته، وتعهدوا بالمحافظة عليه، ولكنهم نقضوا العهد".

وأضاف أن "رعاية الرس أخذت المسن، وجهزت له غرفة خاصة، وأطعمته، وأخضعته للفحوصات اللازمة، إلى أن أتى نجل شقيقه وأخذه إلى دار الرعاية بمحافظة عنيزة لإيوائه، وتفاعلا مع وضعه الصحي تم إنهاء إجراءاته، ووضع في رعاية عنيزة لحين الانتهاء من الإجراءات الرسمية".




اللجوء إلى القبيلة

قال الدكتور الضبيب إن "ما يؤلمني أن الحالة تمثل محافظة الرس والمجتمع فيه، ولا تمثل ذويه فقط، إذ إنه من غير المعقول تهميش إنسانية الرجل في هذه السن".

وأكد أن الوزارة ـ رغم ذلك ـ تسعى جاهده إلى حل هذه المشكلة رسميا مع ذويه، وإدخال قبيلته في الأمر لإنقاذ آدميته.