من أكثر العوامل إثارة للتشنج في المجتمع السعودي حاليا هي تلك العبثية التي بدأت تجتاح شوارعنا وطرقنا الرئيسة والفرعية، فرغم القوانين والتشريعات المرورية التي تم تفعليها في السنوات الأخيرة وانتشار أجهزة الرقابة والمراقبة المكشوفة والمتخفية إلا أن حالات الحوادث المرورية في تزايد مستمر، وهو ما بينته دراسة حديثة تناولت المحددات الأساسية في السلامة المرورية -نشرت "الوطن" خبرا عنها مؤخرا ذكرت أن هناك ارتفاعا بمعدل 94 ? في عدد الحوادث المرورية في المملكة بالفترة من 1427 – 1432 رغم وجود تشريعات ولوائح تنفيذية وأنظمة مواصفات قياسية للسلامة المرورية.
وحسب الدكتور علي الرشيدي الذي أعد الدراسة فإن من أهم عوامل الضعف المسببة لهذا الارتفاع هو "تدني مستوى تعليم القيادة وممارستها، كما أنه لا يوجد مؤهلون متخصصون قادرون على إيصال المعلومات الضرورية المتعلقة بقواعد القيادة والإشارات المرورية ومهارات القيادة المتعلقة بالحالات الخطرة والمسؤوليات الأخلاقية لمتعلمي القيادة"، وهي أسباب في تصوري بالإمكان معالجتها في حال كان هناك جدية حقيقية ومحاسبة داخلية ومحددات واضحة للأداء وتقييم المسؤولين بناء عليها، فمن السهل الاعتقاد بأن معالجة التجاوزات والاستهتار يمكن تحقيقها من خلال فرض مبالغ مالية والتخويف بالإيقاف والسجن، إلا أن التجربة أثبتت أن المشكلة في تزايد والمعالجات المطبقة لا زالت غير قادرة على تحقيق أي تقدم.
هناك تباين واضح في احترام الأنظمة المرورية بين الدول، وفي عالمنا العربي ذاته التأبين واضح بين مجتمعات خليجية طبقت الأنظمة ووعت المواطنين والمقيمين والطلاب والأطفال حول المعاني الحقيقية للالتزام بالنظام في طوابير المقاصف وكاشيرات السوبر ماركت، وبين أخرى البقاء فيها للفهلوة والعنتريات، فإجمالي عدد المخالفات المرورية التي تم ضبطها في مناطق المملكة خلال الأعوام 1404 - 1434 بلغ نحو 126 مليون مخالفة.
أحيانا يصبح المشي في الشوارع سببا لموت الإنسان، فكيف يمكن تجاوز واقعة أنه خلال شهر محرم المنصرم فقط تم تسجيل 27 حالة دهس في محافظة الطائف وحدها، أي بمعدل حالة واحدة كل يوم، أليس ذلك مؤشرا على أن كل ما نقوم به من محاولات معالجة يمضي في الاتجاه المعاكس!