ريم اليامي



‏الليبرالي ليس كافراً، والملتحي ليس متطرفاً، وكذلك المرأة ليست ناقصة، والرجل ليس - بالضرورة - قمعياً، والسني أيضاً ليس داعشياً، والشيعي ليس إيرانياً.

‏‏الأحكام المسبقة على الأشخاص تدل على قلة وعي، وانتشارها بين أفراد المجتمع يسبب التشنجات والعصبيات؛ التي تقودنا إلى أشياء أكثر تعقيداً.

‏ بعد الحرب العالمية الثانية، وسقوط ألمانيا بيد الحلفاء؛ قسّموها، ووضعوا جداراً (برلين)؛ ليفصل بين أبناء الوطن الواحد، فصار نزاعا بين الشرق والغرب، كان ذلك قاصماً لظهر الشعب الألماني، وأصبح مجرد محاولة تجاوزه سببا لإزهاق الأرواح، وبسقوطه عام (1989) انتصر الشعب الألماني وتوحّد.

‏أما نحن؛ فوضعنا الجدار بأنفسنا، وبنينا بعصبيتنا المتكتلة جدار عنصرية لا يختلف خطره عن خطورة جدار (برلين)؛ الذي يستفيد منه الأعداء، والفرق هنا أن جدارنا غير مرئي، وتوهّمْنا عدم وجوده، فأفضى بنا ذلك إلى الاستمرار في بناء الجدار الفاصل بأفكارنا دون وعي، وأكملنا التراشق باللعنات والتصنيفات، وكل فرقة تدّعي الأفضلية واحتكار الحقيقة، وبهذا اتسعت الفجوة بين أبناء الوطن الواحد.

‏وكلما كابرنا ونبذنا بعضنا؛ ضاع منا وقت رتق هذه الفجوة، وزاد طول الجدار.

الجدار اللامرئي لا نستطيع أن نراه ولن نسقطه؛ إلا إذا أدركنا وجوده حقاً.

‏التصنيفات السلبية وتعميمها لا يجوز أن تدوم، والتحريض يجب أن ينتهي، ونتفق على أن الاختلاف والتنوع شيء جميل، فهو من مسلمات الحياة، ونوظف اختلافاتنا لإجهاض الكراهية والحقد والعدائية.

‏‏ الخير هنا وهناك، والشر هنا وهناك، وكذلك التطرف والجهل، فقد نجدهما عند هذه الفئة أو تلك، والحقيقة نسبية موزعة في أرواح البشر؛ لم تجتمع يوماً في حزب أو فئة أو جنس، وعند إدراكنا لهذه الحقيقة؛ سنكون أقل توتراً وأكثر تقبلا للمختلف عنا، والمساهمة الأكبر في بناء الوطن؛ تكمن في كسرنا لجدار التصنيفات الفاصل.