والجوارح هنا هي الكواسر المفترسة من الضواري ذات المخالب الحادة والأنياب القاتلة، ونعوذ بالله من طوارق الليل وجوارح النهار، ولذا يصعب ربط هذه العنونة بقادة وسادة التراسل الإنساني والوجداني والعاطفة المشبوبة والملتاعة، والذين قال عنهم أحمد شوقي: (أنتم الناس أيها الشعراء) لما في دواخلهم من أكباد موجوعة، وجسوم رقيقة، وبراءة لذيذة، وطفولة عذبة.. ألم يقل الشاعر سليمان العيسى وهو في السبعين: أمد على السبعين ظل عباءتي وأدرج طفلا في الحواكير يلعب، ولكن الواقع المعيوش يتخطى هذه المقولات المستقرة في الأذهان، ويفصمها عن مدلولاتها واكتمالاتها، فهناك من الشعراء من تعج في داخله مداخن البغضاء، وحرائق الكراهية وغبار المقت ورائحة الأجساد الميتة، دون أن نعرف بواعثها أو تفسيرا لوحشيتها وأنانيتها الشرسة، فالذي قرأ ما دونه (أحمد سعيد محمدية) عن الشاعر الشهير (عبدالوهاب البياتي) وسيرته، يلمح هذا التنافر والانعتاق من كل تلك المرتسمات والمثاليات والجماليات الروحية وتقوض كل تلك التراكمات من المخزونات الرجراجة والفاتنة. البياتي واحد من الرواد الأوائل الذين جددوا في مسيرة الشعر العربي ولكنه (طير جارح) يخرج عن اللياقة والمنطق بأسلوب مهين وكلمات سامة وقدرة على الإيذاء: فنزار قباني في نظره تاجر بقلاوة، ويصلح أن يكون مثل أبيه لتنضيد حبات الحلوى وليس الشعر، ومحمود درويش: كان من النكرات لولا أنه استغل قضية مقدسة، وهو لم تصنعه الموهبة بل صنعه الدم الفلسطيني، أحمد عبدالمعطي حجازي: الأصلع الخرف الذي قال قصيدة واحدة جيدة، ولولا الناقد (رجاء النقاش) لبقي مغمورا مطمورا في تراب الريف، بدر شاكر السياب: كان مشروعا شعريا لم يكتمل، وهو متقلب لأنه بلا مبدأ وتنقصه الرصانة، صلاح عبدالصبور: موظف سام يتقن لعبة الألفاظ، ومسايرة الوزراء والكبار الذين لمعوه وقدموه على صواني الإعلام المصري، خليل حاوي: شاعر عظيم ولكنه أحمق، انهارت شاعريته يوم تعامل مع الجامعة الأمريكية، ويصلح لنظم (القراضي) أي الشعر الشعبي والنجارة كما كان في بداياته، أم علي (زوجته) هند العيدان: جاهلة أتمنى أن تسقط في دجلة فأنفك عنها، وأخلص من جهلها، أدونيس: لا أنتمي إلى عالمه الشعري وأنفر من تعقيده وغموضه اللذين يختص بهما، وهنا يرد نزار على البياتي: البياتي حكواتي الشعر العربي، والواشي الكبير، والمرأة المطلقة، وابن آوى الذي يهاجم في الليل أعشاش الشعراء ويسرق بيضهم، ويخنق فراخهم، لقد أصبح عانسا وعاقرا وتفرغ ليشوي زملاءه الشعراء على نار نفسه المريضة، لو كنت مسؤولا لحاكمته بتهمة رمي الزبالة في الحدائق العامة، ويرد أدونيس: قصائد ديوانه (أباريق مهشمة) تافهة ومبتذلة، البياتي ليس شاعرا أصلا بل استمد شهرته الشعرية من (الدعاية الشيوعية).